الأحد، 7 أبريل 2013

دعوة حمّال

 بشرى الهلالي
 
وهو يسقط أرضا، زحفت الاصوات بعيدا عنه واختلطت في ضجيج سافر أبعد من مدى سمعه، بينما لمحت عيناه سماءً تخللت زرقتها الصافية خيوط شمس راحت تتلاشى امام هجوم سواد البارود. فكر في انه لم يرنو الى السماء ولم يستشعر دفء الشمس ولا نورها منذ زمن طويل برغم أنه يذرع هذا الشارع يوميا، فقد اعتادت عيناه النظر الى الأرض تحت ثقل الاحمال التي ينوء بها ظهره. تلمست يده الجرح فغمرتها حرارة الدم وشعر ببعض الراحة، أخيرا.. وجدت مثانته الفرصة لتتخلص من حملها حين اختلط البول بالدم.. فمنذ الصباح الباكر وهو يحبس حريتها حتى تورمت غضبا فثارت عليه في لحظة انفجار. في الليلة الاخيرة التي قضاها في المستشفى قبل ان يغادر حياة الشقاء، نطق كلماته الاخيرة أمام ولده: الحمد لله الذي جعلني اذهب فداءً للملك ونائبه ووزراءه بل وحتى معارضيه (بيّ ولا بيهم). رحل الحمّال الفقير الى الدار الآخرة، وصارت جملته حديث الناس، فسمع بذلك الملك وحاشيته بل وحتى معارضه، فقرروا تكريمه في مثواه، واستدعيت زوجته التي اضطرت لطلب عباءة الجارة للمثول بين يدي الملك وهي تحلم بشراء عباءة جديدة بالهبات التي ستغدق عليها، رافقها ابنها صامتا، وكان ان انهالت الاموال على عائلة الفقيد الذي حمد الله ان الانفجار اصابه ولم يطال اي فرد من افراد الحكومة. وسارعت وسائل الاعلام لنشر الخبر، فكرم الحكومة ليس له حدود عندما يتعلق الامر بمن يفديها بحياته. وكان السؤال الاول الذي سال له لعاب الاعلاميين هو: لماذا؟ هل حقا أحب هذا الحمّال الفقير حكومته لهذا الحد حتى يحمد الله على تناثر أشلاء جسده بدلا عن افرادها، ام انه كان يطمع في تكريم عائلته من بعده وانتشالهم من الفقر؟

 وبالطبع.. لم يكن الحمّال واثقا من حصول عائلته على التكريم، اذن ما السبب؟ أجاب الابن الصامت بابتسامة ساخرة: كان أبي لا ينام ليلة دون أن يسب الحكومة ويلعن كل أيامها، فهو كان يشقى طيلة النهار ونشقى معه للحصول على خبز يومنا. بهت الاعلاميين من هذا الجواب غير المتوقع. إذن؟ أجاب الابن بسخرية أكبر: قبل موته في المستشفى العام أسر لي أبي بسر دعواه وقال: من غير العدل أن أتمنى للملك ووزراءه ومعارضته هذا المصير، فما فعلوه بنا أكبر من أن ينهي حياتهم انفجار ليموتوا ميتة سهلة، بل دعوت الله على ان يبقيهم محصنين ضمن أسوارهم ليشهدوا يوما أكثر سوادا كما حصل للعديد من قبلهم.

كان جواب الابن أشبه بصاعقة سقطت على رؤوس الاعلاميين، فكيف ستنقل كاميراتهم وكلماتهم هذا الجواب الذي لو عرفته الحكومة فقد تجعل ايامهم أكثر سوادا من حبر أقلامهم. وحاولوا الحصول على جواب يشفي غليلهم من الابن الذي كان يستمتع بنظرات الرعب في أعينهم، لكن لماذا؟ أجاب: انه الحقد.. ألم تفكروا يوما بالحقد الذي ينمو في قلب الفقراء وهم يجودون بكل ما يملكون (دماؤهم) بينما تبخل عليهم حكوماتهم وهي ترفل بخيراتهم حتى بحقهم في الحياة؟!

ساد الصمت على الحاضرين ولم يجدوا سؤالا ينقذهم من حيرتهم بينما تحررت دمعة من عين الابن لأول مرة وهو يشعر بزهو النصر...

 

ملاحظة: هذه فكرة قارئ صديق فقد ساقه في انفجار.. فلم يعد يملك الا الحقد!

 

 الناس/ كتابات/ مركز النور


 

"دولة القانون" حصلت على الاغلبية السياسية في مجالس المحافظات!!


هناك دلائل كثيرة توحي  بأن عنوان المقالة اعلاه سيكون من العناوين الرئيسية لمختلف الصحف المحلية وغيرها بعد اعلان النتائج النهائية لانتخابات مجالس المحافظات القادم والتي ستجري في العشرين من نيسان الجاري. لأن اعلان فوز الحزب الحاكم وتحالفه الانتخابي وبأغلبية مريحة هو الوحيد الذي يرضي شخصا متعطشا للسلطة كالمالكي، الذي فشل لليوم في معالجة جميع الملفات التي واجهته نتيجة العمل على تهميش حتى حلفائه في التحالف الشيعي الواسع من جهة وبقية القوى السياسية التي ساهمت في ايصاله للسلطة من جهة اخرى.

 

فلو راجعنا سنوات حكم السيد المالكي منذ توليه الحكم بدلا عن الجعفري ليومنا هذا فاننا نستطيع منحه اسوأ الدرجات في أدارته للازمات التي مرت ولازالت بالبلد، فما من ملف مهما كانت اهميته الا واثبت المالكي فشله في ادارته، بداية من ملفات الامن والارهاب والتسليح والطاقة والتعليم والصحة والزراعة والصناعة والبطالة والرعاية الاجتماعية والمتقاعدين وغيرها انتهاءا بملفات الفساد التي ستطال العديد من المقربين اليه حال ابتعاده عن رئاسة الوزراء. هذا على الصعيد الوطني اما على صعيد المحافظات ومنها تلك التي يديرها "دولة القانون" فان الوضع ليس افضل من سابقه ان لم يكن اسوأ. ولاننا نتناول هنا انتخابات مجالس المحافظات فاننا سنتجاوز عزلة العراق اقليميا وادخاله في دائرة الشكوك في تدخله بالحرب الاهلية الدائرة رحاها في سوريا نتيجة سماحه للطائرات والشاحنات الايرانية بنقل الاسلحة عبر الاجواء والاراضي العراقية الى سوريا، وهذا ما يؤكده رعاة العملية السياسية الامريكان رغم المحاولات المتكررة لحكومة بغداد بنفي الامر.

 

ومن خلال فشل الحكومة المركزية والحكومات المحلية في توفير احتياجات ناخبيهم والتذمر الكبير الذي يبديه الناس منهما وهو ما ترجمته استطلاعات الرأي العديدة التي اظهرت عزوف الناخبين في التوجه الى صناديق الاقتراع بنسب كبيرة وصلت في بعضها الى نسبة تقارب ال 75%، علينا ان نبحث عن نقاط قوة المالكي في كلمته اثناء اعلانه قائمة ائتلاف "دولة القانون" التي حسم من خلالها نتائج الانتخابات مسبقا عندما قال " ستحصل دولة القانون على الاغلبية السياسية في مجالس المحافظات حتى تتمكن من تمشية الامور الراكدة وتحقيق الخدمة والانجازات والاعمار"، وما هي الاسس والمعايير التي استند عليها رغم فشله المدوّي، في ان يكسب اصوات الناخبين.

 

سيدخل المالكي كحزب وقائمة الانتخابات وفي جعبته اسلحة معروفة تمتلكها كل السلطات الدكتاتورية في العالم "الديموقراطي" النامي او الثالث او الشرق اوسطي في حالة العراق، وهي، السلطة والمال والاعلام والسيطرة التامة على اجهزة الجيش والشرطة باعدادها الكبيرة التي ستصوت قبل موعد الانتخابات، وهي ملك صرف للمالكي وحزبه كما كانت ملكا صرفا لصدام وحزبه قبلها اضافة الى العشائر التي اشترى المالكي كما صدام ولائها بالمال منذ ان صرح امامها "ما ننطيها". ويبقى السلاح الاهم الذي في جعبة المالكي هو التزوير الذي سيكون على اوسع نطاق في هذه الانتخابات لاهميتها القصوى في تشكيل اللوحة السياسية القادمة والتي يريدها المالكي ذات لون حزبي واحد وهو اللون الدعوي او لون "دولة القانون"، واذا نجح المالكي في مسعاه - الكثير من الشواهد توحي بنجاحه – فان زيادة انتاج النفط وباسعار اليوم لاتعني الا اننا سنكون في بداية طريق لبناء دكتاتورية جديدة بلبوس ديموقراطي، واكبر دليل على ذلك هو حصول حزب الدعوة على 8 مقاعد تقريبا اثناء وجود في قائمة التحالف الشيعي "555" التي دخلت اول انتخابات تشريعية، وليحصدوا بعد ان اصبح المالكي رئيسا للوزراء خلفا للجعفري - نتيجة الخلاف بين الصدريين والبدريين حينها- في الانتخابات الاخيرة على 89 مقعدا!!

 

ان جاءت نتائج انتخابات مجالس المحافظات القادم مثلما تشتهيها سفن المالكي، فان العنف الدائر اليوم في العراق سيتجاوز من مناطق ذات طابع طائفي واحد "سنة" الى محافظات كانت لليوم في منأى عن هذا العنف "شيعة" وسيدفع الصدريون تحديدا ثمنا باهظا في هذا الصراع نتيجة صبيانيتهم في اتخاذ القرارات السياسية وسرعة الانقلاب عليها ان اتخذوها. ولكن المالكي بما يملكه من ادوات قمع وتأييد ايراني وغض طرف امريكي سيتمكن في النهاية من تطويع اطراف الازمة بعد ان يعمل كما فعل لليوم في شق صفوفهم وهذا ما نجح به مع القائمة العراقية اليوم. وفي حالة فشله في انهاء العنف فان خطة بايدن والتي يطمح تحديدا الى تطبيقها جاهزة وهذا ما اشار اليه يوما عندما قال، ان الحرب الاهلية او التقسيم هما احدى الحلول في حالة الاصرار على منع ترشيحه لولاية ثالثة.

 

زكي رضا

الدنمارك

1/4/2013

 

 

مساء الخير بغداد .... صباح الخير بغداد


 
صباح الخير بغداد، يا مدينة الموت الرابض في كنائسها ومساجدها وساحاتها وشوارعها واسواقها.

مساء الخير بغداد، يا مدينة الظَلَمَة نهارا والظُلمة ليلا .

صباح الخير بغداد، يا مدينة كهرمانة التي صب اللصوص على رأسها الزيت لتموت، بعد ان أشّرت على ابواب اللصوص الطائفيين والقوميين بطبشور اسود.

مساء الخير بغداد، يا مدينة العمائم المتخمة حتى الشبع، ومدينة الفقراء الذين لا يعرفون الا الجوع والمرض. 

صباح الخير بغداد، يا مدينة المنطقة الخضراء ( قدس سرها )، و مدينة المساحات السوداء والحزن اليومي.

مساء الخير بغداد، يا مدينة  الجدران العازلة والسيطرات المخترقة.

السلام عليك بغداد، يا مدينة بلا حكومة وحكومة بلا رجولة.

السلام عليك بغداد، يا مدينة العهر السلطوي والارهاب المنفلت الحاصد لارواح الابرياء.

السلام عليك بغداد، يا مدينة المزابل والمياه الآسنة.

السلام عليك بغداد، يا مدينة التصريحات الفارغة والرجولة الوهمية والخطاب الكاذب.

السلام عليك بغداد، وانت تدفعين ثمن عهر منصات العار "العز" - التي فتحت مضارب عشائرها لمجرمي تنظيم القاعدة - دما وجثثا وخراب.

السلام عليك يا بغداد وعلى الارواح التي تصعد من فنائك يوميا نحو السماء لتشكوا الى رب يعبده طائفيون سنة وشيعة كذبا ودجلا.

السلام على صباحك الآمن وهو يرتجف رعبا من السيارات التي تطايرت لتزرع الرعب والجثث في ارجائك ايتها العروس المغتصبة.

السلام عليك بغداد، يا من صادر السفلة براءة اطفالك

السلام عليك من هول الفاجعة.

 

ها هي التفجيرات الدامية تستهدف ابناء شعبنا الابرياء ثانية امام عجز "حكومة" كان عليها ان تعرف مسبقا - كما يعرف من له قليل من الفطنة - ان سقط المتاع من الارهابيين سيضربون عروس العراق بمقتل في الذكرى العاشرة لبدء العمليات البرية لاسقاط نظام العهر البعثي. ها هي تفجيرات اليوم تكشف لنا عن ضعف الحكومة المستديم في مواجهة الارهاب لعدم كفاءة اجهزتها الامنية بعد ان صرفت عليها المليارات من خزينة الدولة. ها هي التفجيرات تضع عشرات اسئلة الاستفهام امام "ساسة" و "رجال دين" و" زعماء عشائر" و"احزاب" و"ضمائر" ترى اعلام القاعدة القذرة وهتافاتها واهازيجها على منصّات عارهم وهي تهتف لقتل اخوتهم بالوطن وهم ساكتون، وبسكوتهم فقط وليس بشئ آخر اثبتوا من انهم شياطين. الا تخجلون من انفسكم وانتم تحتضنون أفاقي الارض بين ظهرانيكم ليعيثوا "بوطنكم وشعبكم" فسادا وقتلا وتدميرا، تعسا لكم وانتم تفقدون رجولتكم وشبح الموت يجوب بفعل من هم في حمايتكم شوارع العراق.

 

ان حدثا اقل بكثير من حدث اليوم ولمرة واحد في اي بلد بالعالم تحترم حكومته شعبها يدفعها الى الاستقالة، او على الاقل استقالة المسؤولين الامنيين فيها لانهم المسؤولين الرئيسيين عن حفظ امن وسلامة المواطن. واذا كان المالكي وهو المسؤول الاول عن الملف الامني لا تدور بخلده الاستقالة لانجازاته الباهرة التي حققها لابناء شعبنا منذ جلوسه على العرش لليوم!!! فهل سنرى استقالات جماعية لمسؤولين امنيين كبار وعلى رأسهم الوكيل الاقدم لوزراة الداخلية "عدنان الاسدي" الذي فشل فشلا ذريعا في بناء اجهزة امنية قادرة ان تعمل ولو بالحد الادنى، علما ان هذه الاستقالة تحتاج الى رجولة قبل الوطنية.

 

(ربّنا انا أطعنا سادتنا وكُبَرائنا فأضلّونا السّبيلا* ربّنا آتهم ضعفَين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا) "قرآن كريم"

 

 

زكي رضا

الدنمارك

19/3/2013

الاثنين، 18 مارس 2013

هل اصبح اليسار العربي والعالمي... يسار بن اليعازر

تشهد الساحة العربية والدولية انكفاءة لقوى اليسار منذ الحرب على العراق واحتلاله تحت ذرائع الاسلحة الكيمياوية والمحرمة دوليا والمهدد للامن القومي الامريكي والغربي بشكل عام والذي لم تعرف له حدود. قبيل الحرب كان الامر معاكسا من خلال حركة قوية ضد الحرب وغربانها في جميع بلدان العالم على الرغم من تشوش الاهداف هنا وهناك، والتي ترجمها البعض تاييدا   للدكتاتوريات، فيما كانت وفي ساحات كثيرة اخرى مميزة الهدف فهي ضد الحرب ومشعليها وبذات الوقت ضد الدكتاتوريات ومصادرة الحقوق والحريات، على قاعدة حقن الدماء والتقليل من العذابات التي تعيشها البشرية نتيجة لسياسات ونهم غربان الحرب الدوليين والقوى التي تقف خلفهم.

الا ان الاحداث التي تلت نهاية الحرب باحتلال العراق، ادت الى انكماش لا بل وغياب الراي العام العالمي المناهض لسياسات الحروب، بدلا من استفادة تلك القوى من حركة الجماهير وتنظيمها ضد تيار الحرب الدائمة اليوم، حرب معلنة على الارهاب لكن قواها هي التي تنظم وتدعم وبكل السبل الجماعات الارهابية المسلحة بعد ان احكمت ادارتها والبستها راية حسب مقاسها  راية" لا اله الا الله الصهيوني حبيب الله".

 

هذا ما تعاني منه منطقتنا التي غرقت بالتيارات الظلامية المسلحة علنا او  سرا، يقابلها تعدد مشارب اليسار الذي يعاني من غياب التجديد الفكري والتنظيمي وقيادة حركة الجماهير المطلبية والتي تعد هي الهواء الذي تتنفس منه هذه الحركات، ليتحول جهدها لحروب داخلية، اجنحة تنتقد اخرى، بالاضافة الى هرولتها خلف التيارات الظلامية  بتحالفات، لا يمكن لصاحب رؤيا سياسية القيام بها، ولكنها مشروع واضح لمن يبحث عن المال والسلطة وليس التعبير عن حقوق المسحوقين وطموحاتهم.

يحدث هذا في ظل مشروع يعصف بالمنطقة لتجزئتها الى دويلات طوائف ان لم تكن دويلات عشائر، لخدمة من ومن هي الاداة المنفذة !! لم يدرك المواطن البسيط حجم هذه المخاطر لانها تقاد علنا  باموال اسلامية وبفتاوي اسلامية ، والملايين من الاميين  لا يمكنهم قراءة  ماكتب على الراية " لا اله الا الله الصهيوني حبيب الله  "اوهكذا اصبحت الراية السوداء  ذات وجهين ، احدهما ارهابي والاخر ينادي بحقوق وديمقراطية اللصوص والصهيونية، بينما القوى الوطنية واليسار بشكل خاص لا يمكن قياس جهده في مواجهة هذا المشروع.

لقد شهدت سنوات الصراع في السابق تجنيد شخصيات على مستوى الدولة لمصلحة هذه الجهة او تلك!! ولكن هذا الامر يبدوا اصبح قديما ، بعد تحول دول وحكومات وقوى بكاملها الى مطية لتنفيذ مصالح هذه الدولة او تلك.

هذا ما نراه اليوم في دور حكومات قطر والاردن وليبيا وتونس ومصر وامارت النفط الخليجية  بالاضافة الى تلك التيارات السياسية التي تتسابق لتقديم الولاء والطاعة لملوك الغاز والنفط، مبشرين الجماهير بالجنه بعد اسقاط الدكتاتوريات!! في الوقت الذي فاقت افعالهم وجرائمهم ما قامت به تلك الدكتاتوريات ذاتها.

لقد قيل وهذا حقيقة  لا يمكن للغربال ان يحجب اشعة الشمس ، واضيف لايمكن للغربان  ان تعلم جميع الطيور  النعيق مثلها، ان حكومات تدعي وتتغنى بالديمقراطية وحرية الراي  وحقوق الانسان ، لا تقنع من لديه نظر بانها تحترم غنائها هذا في الوقت الذي تسلح وتدعم الجماعات الارهابية بالمال والسلاح وغيره من اساليب الدعم، وان شيخ غاز لا يعرف ماهي الاكثرية والاقلية ، وحرية الراي بل جل ما يعيه انواع الثريد، لا يمكن ان يقدم دعما لقوى ختمت ذاتها بالديمقراطية ، وهي غائبة  لدى شيوخ الغاز والثريد!!! ولا يمكن لمعارضة ديمقراطية تحترم شعاراتها ومبادئها ومصداقيتها  بان يحتضنها نظام دكتاتوري او مطية مخابرات دولية كما هي مشيخة ثاني وثالث ومن لف لفهم.

ان صمت اليسار وهرولة بعضه يدا بيد مع الجماعت الارهابية امثال النصرة والقاعدة وغيرها من مطايا مصالح الامن القومي ورعاته، لا يمكن الاقتناع به على اساس هدف او سياسة تكتيكية ، خصوصا في حالة ضعف جماهيرية تلك التيارات السياسية  والتنظيمية ، ناهيك ان دولة المواطنة المزمع بنائها ودولة القانون واحترام الحريات لا يمكن ان تعيش مع او في ظل سياسة الحلال والحرام، كما ان الفرق كبير، لا بل ان الدولة الديمقراطية على نقيض دولة الخلافة  والفقيه والمفتي وامراء الحروب والطوائف، فان هذه القوى بفعلها هذا اصبحت مطية شاءت ام ابت بيد تلك القوى التي تريد تقسيم المنطقة واشاعة سرطان الطائفية فيه تحت تلك الراية التي اشرت لها وبعد تحريفها.

ان ما تقوم به قوى من ما يسمى اليسار في سوريا وبعض البلدان الاخرى لهو جريمة بحق تاريخ حركة اليسار ومبادئها، ان التحالفات مع قوى في، السر والعلن ظلامية ، مع عدم وجود مشترك بينهما بالاضافة الى ضعف ذلك اليسار جماهيريا، ما هو الا جريمة بتشوية ما يحملة الانسان من بقايا صور عن اليسار ومبادئه، وهذا ما يوسم تلك الهرولة بانها هرولة خلف السلطة والكراسي والمال وليس مصالح الجماهير والشعارات البراقة التي ينعق بها ممثلي ذلك اليسار كما يحلو لهم ان يسموا انفسهم ، بالاضافة الى حقيقة مره ان اعمار من يقودوا هذا اليسار في مراكز القيادة اطول بكثير من عمر الدكتاتور في سدة الحكم وهذا المثال الاسوء الذي ربما لم تراه الناس اللاهثة خلف الامان ورغيف الخبز في ظل عواصف الشعارات التي اختلطت ما بين "لا اله الا ديمقراطية الناتو ونبؤة كيانها وسفك دمائنا مع لا اله الا الله الصهيوني حبيب الله ".

ان الصمت والهرولة خلف مشاريع تفتيت المنطقة الى دويلات الطوائف وامرائها، والذي هو جزء ايضا من ضعف اليسار، وصمة سوداء في تاريخ التيار الوطني واليساري والتقدمي على امتداد الوطن والعالم، ففي الوقت الذي تسوده الهرولة والصمت في منطقتنا فهناك في اوربا نرى اليسار المشارك في الحكومات هو من  يساهم وعبر تلك الحكومات في دعم وتسليح تلك الجماعات الارهابية بالمال والسلاح وغيره، وكل هذه لم ولن يحمل معه مصالح شعوب المنطقة او شعوب العالم،  وانما هناك هدف واحد هو خلق احزمة امنه لدولة الانابيب كي يرتاح من تكاليفها هذا الغرب قليلا، احزمة عشائر تتصارع فيما بينها دون ان يصل خطرها بفضل هذه الاحزمة لدولة الانابيب الصهيونية، هذا هو المشروع الذي ينفذ اليوم وبايدي عربية وفتاوي مشايخ الراية السوداء من مشايخ البترودولار. ان هكذا يسار الاجدر به ان كانت لديه جدارة ان يسمي نفسه  يسار بن اليعازر.

كريم الربيعي

17-3-2013

 

 

مجموعة قصص قصيرة جدا


د.ماجدة غضبان المشلب

تقدم ايها الزمن ، لكن عليك ان تعلم ان لي جذورا و مكانا اسمه الوطن ، و ان سرعتك في الدوران ، لن تقذفني خارج الكون.

 مشهد سري (1)

 ثلاث بذرات متبقية ، انها لي ، لن يعتبر ذلك سرقة ، من حقي ان افعلها سرا.

خلف "الميهول"* ، تبدو الارض معشوشبة ، و ليس من نهر قربها ، كما إن موسم الامطار قد ولى ، لعلها خير بقعة انثر فيها بذوري الثلاث ، هكذا اعدت زراعة جسدي و عقلي و روحي ، الآن استطيع العودة ، لن اخبر احدا كما فعل جلجامش ، و لن ادعهم يكتبون اسطورة عني تضعني في مصاف الكائنات الخيالية ، كذلك غطيت البذور ببعض التراب الندي لأحول دون سرقتها من قبل ثعبان ما.

صرخت في البرية:

 انا ماجدة غضبان المشلب المولودة على الغراف ، في ناحية قلعة سكر ، جنوب العراق ، المنتمية الى اصول بدوية من قبيلة عنزة ، لا سواي ، اعدت بذراتي الى ارض العراق ، و ستلدني من جديد حتما على الغراف نفسه ، حاملة شكلي ، و عقلي ، و جسدي ، و روحي.

 

مشهد مستقبلي (2)

عليها ان تسافر الآن ، الحوض الترابي الكبير الذي شتلت شجرة ابنائها فيه يتموضع في الشرفة تحت الشمس الخافتة.

_من سيسقي شجرة اولادي؟؟؟

العذق بدا يكشف عن رؤوس صغيرة ، و اطراف دقيقة محاطة ببتلات الزهر ، مثقل جدا ، و يكاد ان ينحني نحو الاسفل.

داهمها شعور بالقلق:

_ هل ستأكلهم قطط الجيران؟

_لالا ، القطط لا تأكل بتلات الزهر.

رد ولدها الصغير:

_لم يأكلني احد ، الا ان اشقائي لم ينضجوا بما يكفي ، و انت حزينة اكثر مما ينبغي لجفافهم و سقوطهم كأوراق خريف.

اعطت المفتاح للجارة و هي تمسك بيد صغيرها بقوة ، التفتت و هي تصيح:

_لا تنسي ان تسقي اولادي

 

 

مشهد سري 2

قبل ان يقتادوه الى غرفة الاعدام اودع سره لرجل قد اودع سره لرجل اودع سره لسجان متضامن:

هذا كيس الدقيق هو ال (دي ان اي) للسجين فلان ، اوصله للمختبر ، هنالك ستجد فلانا ، هو يعرف ان عليه الاحتفاظ بسلسلة الثوار الجينية في علب خاصة.

تلك البناية الغامضة التي تقوم على تطوير كائنات جديدة قد كشف سرها ، السجناء يعلمون تماما ماذا ينتظر الجنس البشري.

 لافتة كبيرة حملها :

_لا للمخلوقات المختبرية!!.

 

في اجتماع الليلة الماضية تحدثوا كثيرا عن مخلوقات شديدة الذكاء عظيمة القوة تنتجها شركة عملاقة لتحسين النسل البشري.

_هل ترون هذا النمل؟؟؟

_بلى

_هم سيروننا كنمل صغير ، دؤوب و منظم ، لكن عليهم ابادته لأنه يوسخ شكل بيوتهم.

 

اضطجع على ظهره ، وسمع من جديد صرخته التي اطلقها قبل ان يتحول الى نملة في اعينهم.

غرفة الاعدام مرعبة و رطبة...

اغمض عينيه و تخيل الدقيق في علبة ، ذلك سينجب ذريته بعد الرحيل.

 

 

مشهد مستقبلي 2

_ايها الغبي انه قانون إبادة منظم لكل شعب غير منتج ، و قد وافق عليه مجلس الرعب و الأمم المتنافرة.

_ليوافقوا كما يشتهون ، انا ساقول كما قال جورج ارويل ، ان هنالك حتما وسيلة للمقاومة.

_لكن انقراض الأمم موجود تأريخيا.

_نعم ، وفق تخيلنا نحن ، وفق ما علمونا إياه في المناهج.

_لم لا تنصاع و تصمت كغيرك؟؟.

_غالبا ما يوجد غبي مثلي يرفض الإنصياع.

_سيقتلونك.

_اعلم جيدا.

_وقع على قرار قانون الإبادة ، و ستحصل على بيت و تكنولوجيا مذهلة في خدمتك.

_قلت لك دائما هنالك اغبياء مثلي يرفضون النعمة و يفضلون كلمة لا.

داخل تلك الحفرة الصغيرة ، في البقعة النائية ، تقيم بقايا من ثياب و عظام و صدى صوت يقول لا.

·      "الميهول" قبر لطفل مجهول الاسم ، يقال انه يعود لنسل آل البيت و يمنح بركاته لمن يزوره ، لازال في قلعة سكر ، جنوب العراق ، مسقط رأسي، يتوجه له اهالي المنطقة للاحتفال في موسم "الدخول" او ما يسمى بعيد نوروز لدى الاكراد ، و يعتبر بداية سنة في تراث اهل الجنوب ، على الاغلب هو تراث سومري و له علاقة بعيد تموز او الرجل الحداد او الفلاح الذي عاقبته عشتار.

 

الارهابيون ليسوا اشباحا


مصلحة المواطن في العيش بامان تتطلب تعاونه مع الاجهزة الامنية باخبارها عن الارهابيين وتحركاتهم لان من مصلحته ومصلحة المجتمع والبلد هو التمتع بحياة آمنة ومستقرة، ومن واجب الدولة بناء اجهزة استخبارية قادرة على تشخيص وكشف شبكات الارهاب قبل ان تضرب اهدافها المنتقاة والتي عادة ما تكون وزارات، دوائر حكومية، بنى تحتية، جسور، خطوط نقل الطاقة، انابيب نقل النفط، سكك حديد وغيرها اضافة الى تجمعات المواطنين في الاسواق والشوارع والجامعات ومساطر العمال واماكن العبادة التي اصبحت البلاد بسببها مسرحا لحرب طائفية ودينية. وهذا يعتمد على امورعدة منها زيادة الوعي عند المواطن عن طريق وسائل الاعلام بشكل مستمر وليس وقت الازمات فقط والتي تتطلب احترام هذا المواطن من قبل الدولة وتقديم ما يحتاجه من خدمات وتوفيرها بعيدا عن المناطقية والطائفية والحزبية، ومنها ايضا التدريب المستمر لزيادة كفاءة منتسبي هذه الاجهزة والتي تعتمد على الدراسة العلمية للارهاب، منابعه، تمويله، حواضنه، والشرط الاهم هو ذكاء الاجهزة الامنية  بالاستفادة من المعلومات التي تحصل عليها وتحليلها بالسرعة الممكنة من اجل قطع الطريق على الارهابيين في توجيه الضربة الاولى، ان ذكاء الاجهزة الامنية لا بطشها وقسوتها هي التي تحدد قوة اي جهاز امني في مواجهة الارهاب. فهل أجهزة الامن في العراق اليوم تتمتع بالذكاء الذي يتيح لها محاربة الارهاب وتوجيه الضربات الاستباقية له؟

 

ان بناء الوزارات والاجهزة الامنية كالداخلية والمخابرات والاجهزة الامنية الاخرى المرتبطة بوزارة الدفاع ومكتب السيد رئيس الوزراء على اساس طائفي ستؤدي بالضرورة الى عدم فاعلية هذه الاجهزة، لانها ستحرم الكثير من الكفاءات المحسوبة على طائفة او دين او قومية اخرى من العمل في صفوفها، وهذا يؤدي ولشعور المواطنين بالتهميش "المتعمد" الى غياب الكثير من المعلومات التي تحتاجها هذه الاجهزة لتنفيذ عمليات استباقية ضد اوكار الارهاب وحواضنه، خصوصا بعد ان يصبح هذا الارهابي ونتيجة فشل السلطة "الدولة" في تلبية حاجات المواطنين "بطلا" ومحل تقدير شرائح واسعة من السكان في مناطق ذات طيف مذهبي واحد. كما وان سياسة الاعتماد على العشائر والمؤسسة الدينية الطائفية من قبل السلطة يواجهه اصطفاف عشائري من الجانب الاخر مدعوما بمؤسسة دينية طائفية، واللتان ستغضان النظر عن العديد من التحركات الارهابية "لحين تحقيق مطالبها" خصوصا المقبولة منها والتي لازالت الحكومة متلكئة في تحقيقها على الرغم من اعلان استعدادها لتنفيذها.

 

ان نجاح الحكومة في صولة الفرسان بالبصرة لا يعني مطلقا نجاحها في محاربة الارهاب والحد منه حتى بعد انحساره بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية وتحديدا لوقت بداية الازمة الجديدة التي بدأت بمشكلة الهاشمي ولليوم. كما وان نجاح الحكومة حينها باستتباب الامن نوعا ما لا يعود الى قوة اجهزتها الامنية وسرعة تحركها بل الى قوات الصحوة التي تحملت مسؤولية محاربة المجاميع الارهابية "المعروفة عندها"، والتي قلنا يوما من انها قادرة على قلب الطاولة في وجه بغداد متى ما ارادت، وها هي السلطة تمنحها الاسباب الكافية للانقلاب عليها وعدم الالتزام بتفاهماتها السابقة معها، مما جعلها - او القسم الاعظم منها- في موقف لا يحسدون عليه حيث تتهم الحكومة قادتهم بالارهاب من جهة ومن الجهة الاخرى اصبحوا هدفا للمجاميع الارهابية نتيجة تعاونهم السابق مع السلطة.

 

ان تفجيرات اليوم وتفجيرات الغد وبعده لا تشير الى فشل سلطة بغداد الذريع في حماية ارواح المواطنين فقط، بل تشير وبشكل صارخ الى دجل وكذب هذه السلطات وديماغوجية اعلامها حول نجاحها في محاربة الارهاب واستتباب الامن والتي تعتبر الركيزة الاساسية عند المطالبين بولاية ثالثة للسيد رئيس الوزراء ، وهذا الفشل  يضاف الى فشله وطاقمه الوزاري في تنفيذ ايا من برامجه الحكومية. فالفساد الذي يضرب كل مرافق البلد وتخبط القوى المتنفذة في ايجاد الحلول الكفيلة بنزع فتيل الازمات التي تناسلت بسببهم اسقط عنهم حتى نصف ورقة التوت التي كانت تسترهم.   

 

ان محاربة الارهاب والحد منه وصولا للقضاء عليه بحاجة اضافة الى ما ذكرنا اعلاه الى اجواء سياسية صحية بعيدة عن الاتهامات والاتهامات المضادة والتخوين، والبدء الفوري لعقد مؤتمر وطني واسع يضم كل القوى الوطنية المؤمنة بالعملية السياسية وتطويرها. ان محاربة الارهاب بحاجة في هذه اللحظة تحديدا الى حل سياسي وهذا لا يأتي وكل فريق يتمترس بطائفته وقوميته.

 

ايها السادة ان الارهابيين ليسوا اشباحا ودولة المواطنة هي الوحيدة القادرة على تطهير البلد منهم، فأعملوا على تأسيس دولة المواطنة الحقة ليعيش "شعبكم" بامان كالشعوب الاخرى، خصوصا وان انهيار النظام السوري الوشيك ستكون له تداعياته على الوضع السياسي والامني.

 

 

 ان الطريق مظلم و حالك فاذا لم تحترق انت وانا فمن سينير الطريق "تشي غيفارا"

 

زكي رضا

الدنمارك

14/3/2013

 

 

 

 

 

 

 

حلبجة لاتزال تعاني من ألام مخلفات القصف البعثي الكيمياوي .....؟!


      
        شه مال عادل سليم

     www.shamal.dk

 

حلبجة, تلك المدينة التي تحولت خلال دقائق الى مقبرة جماعية لاحصر لها  , تقع في اخضان جبال ( شنروي وسورين وهورامان ) تبعد خمسة عشر كيلومتر عن الحدود الايرانية  ,  في السادس عشر من اَذار/ مارس 1988  وبامر من الرئيس العراقي المعدوم (صدام حسين ) تم قصف المدينية المنكوبة بالاسلحة المحرمة دوليأ منها ( القنابل العنقودية والنابالم والاسلحة الكيمياوية ( غاز الخردل , الاعصاب , الفوسجين والسيانيد ) , استشهد خمسة الاف مواطن كردي بينهم نساء واطفال وتشوهت اجساد اكثر من 7 الاف شخص خلال الدقائق الاولى من القصف الوحشي ....

ومن الملفت للانتباه ان طيران النظام البعثي الفاشي قام اولا بقصف حلبجة  بالقنابل العادية , ثم اغار عليها بالقنابل الكيمياوية , حيث قال العميد (جودت مصطفى النقيب )في حديث لاذاعة العراق الحر التي كانت تبث من العاصمة التشيكية في براغ , ان الطائرات التي شاركت في ضرب حلبجة بالاسلحة الكيمياوية , انطلقت من ثلاث قواعد جوية تابعة للنظام العراقي , هي (قاعدة البكر وقاعدة صدام وقاعدة كركوك) , وكان العميد جودت مصطفى النقيب يشغل منصب مدير ادارة السلامة الجوية في القوة الجوية العراقية , قبل احالته على التقاعد في تموز 1988 وكان احد ضباط غرفة العمليات في اليوم الذي قصفت فيه حلبجة , وهو يوم 16 اذار 1988 ....

ورغم مرور كل هذه السنوات , إلا أن حلبجة الجريحة لاتزال تعاني من تبعات القصف الكيماوي , و لايزال أهالي هذه المدينة المنكوبة وضواحيها يشعرون بضيق التنفس والاحمراروالحكة في العين وحرق الجلد واحتقان الرئة والتعرق والتقيؤ والربو والسرطان وعاهات وإضطرابات عصبية , وتخلف عقلي , وشلل دماغي والعقم ومشاكل البصر واعراض مرضية مزمنة كثيرة اخرى ....

ولغرض إجراء فحوصات لتربة المدينة التي قصفت بالسموم القاتلة قبل اكثر من 25 عامأ , زار وفد  بريطاني متخصص بالاسلحة الكيمياوية مدينة حلبجة قبل فترة  , حيث قام بإجراء فحوصات لتربة المدينة التي تعرضت  للقصف بخليط من الغازات السامة المميتة،كغاز الخردل وغاز الأعصاب ( سارين) وغاز التابون وغاز (في أكس), وتبين وجود بقايا من غاز الخردل القاتل في عدد من الملاجئ وأقبية المنازل, وعليه تفاجأ  أعضاء الفريق البريطاني بوجود تلك الغازات وطالبوا اصحاب تلك الأقبية بعدم لمس التربة ......

ومن هذا المنطلق  نرجو سرعة تكثيف الجهود من قبل الجهات المعنية في الحكومة المركزية وحكومة الإقليم من أجل إيجاد حل سريع لهذه المشكلة الخطيرة التي يعاني منها سكان حلبجة, بالاضافة الى تكثيف العمل من اجل فضح الشركات الاجنبية التي زودت النظام البعثي البائد بالاجهزة والمعدات اللازمة لانتاج السلاح الكيمياوي ,وحسب تصريح المسؤولين عن لجنة الكشف عن اسلحة الدمار الشامل العراقية لصحيفة  ( البولتكن الدانماركية , وهي أوسع الصحف انتشارا) بان من ضمن ( 25 ) شركة زودت النظام العراقي البائد باالسلاح الكيمياوي ومعداتها , ( 17 ) شركة منها (المانية ), بالاضافة الى تكثيف العمل من اجل فضح الشركات الاجنبية ومطالبتهم بتقديم التعويضات ( صحيأ وماديأ ومعنويأ ) عن تلك الاضرار الجسيمة التي لحقت بحلبجة باعتبارهم شركاء النظام البعثي فيما اقترفوه من جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وتجريمهم لقاء عملهم هذا .....

نعم ان التحاليل العلمية والمختبرية أثبتت من جديد بان الأضرار الكيمياوية بغازي ( الخردل والسيانيد ) يبقى تاثيرها مستمرأ على حلبجة واهلها الى ما لانهاية ...!!  

 

                  

 

الأربعاء، 13 مارس 2013

نفرات شيعقله!!


ترك العراق حين كان طفلا، بعد هجوم كاسح لقوات الجيش على المناطق الكردية في التسعينات ، هرب والدية  الى مخيمات اللجوء في دول الجوار وبعدها الى اوربا، طفلا  عاشت في ذهنه الصور القديمة ، لكن الصورة الجديدة ارتسمت له على يد المعلم الذي لم يصفعه بالكف بمناسبة ودونها ، او يجبره للوقوف على قدم واحد في زاوية الصف ، وليس في اجواء سخرية زملاء الصف، او مقص المدير  لمحاربة ذوي الشعر الطويل  كما كان يحدث في مدارسنا،  وانما في اجواء يساله المعلم بها ماهو رايك  انت وماذا ترغب ان تعمل وماذا تريد ان تكون في المستقبل ، وابتسامة ترسم على الوجه ، ليس بسبب الحب والحنان وغيرها ولكن بغض النظر عن هذه الامور الا ان القانون يمنع منعا باتا ضرب الطفل ، او تعريضه للاستهزاء والسخرية ، ويعاقب عليها ان حصلت ، هذا لا يعني انها لن تحصل في مدارس البلد الذي عاش به هذا الطفل ابن اربيل وانما ان حصلت فهي حالات يسلط عليها الاعلام ناره  وكثيرا ما تكون نتائجها بفصل من يرتكبها من عمله ان لم تصل لعقوبات اخرى، وهذه لا تشبه  باي حد من الحدود مدارسنا التي شعارها العصا لمن عصى !! ونحن عصاة بالفطرة!! والمعلم بها رسولا!!.

سقط النظام وكانت قبل ذلك المحافظات الكردية تحت الحماية الدولية، حينها قرر الوالدين  العودة لارض الوطن، البعض يتصور العودة بسيطة جدا ، تذكرة سفر وحقائب واشياء يحملونها معهم  لا يملكها الجيران، فتسلط الضوء عليهم ، لم يدرك الكثير ان البدايات صعبة جدا  لابل انها اصعب بكثير من النهايات، ونحن الذين  "  طفرنا "  من فوق قبورنا الجماعية  لخارج حدود المجزرة !! مررنا ببدايات كثيرةٍ ونهايات كثيرة ٍايضا، وبصدق اصبحنا بعدها نشابه الغربان لا نحن نركض ولا نحن نمشي  بحالة هرولة  دائمة وضياع دائم  ناهيك عن الاستنزاف بجميع المجالات .

 عاد الابن الاربيلي الى احضان اهله ولغته وجبال مدينته ، الا انه بعد حين قرر العودة من حيث اتى، وحين وصل لبلد الاقامة استقبله  احد اصدقاء والده في المطار  وبالتاكيد ستكون هناك الكثير من الاسئلة عن الحال والاحوال ، وكان جواب الفتى  لا يوجد شيء جديد!! كيف لا يوجد شيء جديد وهناك عمران في البلد وتشجير وجسور وتبليط ومدارس وو وو وو ، فكان جواب الشاب الذي ابعد قسرا دون اي ذنب يرتكبه الا لكونه كردي القومية كما هم عشرات بل مئات الالاف من المعارضين للنظام ايضا، نعم هناك عمران و تبليط ومدارس  وتشجير ولكن يا عمو نفرات شيعقله!! نفرات يقصد بها الناس  وشيعقله قصده بها الوعي والتمدن والتحضر!! فهل  طفل الامس على خطاء ام انه اصاب  الحقيقة من  راسها حتى اخمس قدميها.

ان العمران الشاهق وغيره من مظاهر البناء  لا يدلل على تقدم البشر بقدر ما يدلل عليه سلوكهم اليومي !! ونحن لازلنا حتى اليوم وللمستقبل القريب نعيش تحت الجملة التي اطلقها الاربيلي بحق " نفرات شيعقله" حقا نفرات  بما تعنية الكلمة  لان  ثقافة النفرات  هي طوي الخيمة والرحيل، وهذه  غير ثقافة   بناء وثبات المدن والحفاظ عليها وعلى   معالمها التاريخية.

كريم الربيعي

26-2-2013