الاثنين، 18 مارس 2013

الارهابيون ليسوا اشباحا


مصلحة المواطن في العيش بامان تتطلب تعاونه مع الاجهزة الامنية باخبارها عن الارهابيين وتحركاتهم لان من مصلحته ومصلحة المجتمع والبلد هو التمتع بحياة آمنة ومستقرة، ومن واجب الدولة بناء اجهزة استخبارية قادرة على تشخيص وكشف شبكات الارهاب قبل ان تضرب اهدافها المنتقاة والتي عادة ما تكون وزارات، دوائر حكومية، بنى تحتية، جسور، خطوط نقل الطاقة، انابيب نقل النفط، سكك حديد وغيرها اضافة الى تجمعات المواطنين في الاسواق والشوارع والجامعات ومساطر العمال واماكن العبادة التي اصبحت البلاد بسببها مسرحا لحرب طائفية ودينية. وهذا يعتمد على امورعدة منها زيادة الوعي عند المواطن عن طريق وسائل الاعلام بشكل مستمر وليس وقت الازمات فقط والتي تتطلب احترام هذا المواطن من قبل الدولة وتقديم ما يحتاجه من خدمات وتوفيرها بعيدا عن المناطقية والطائفية والحزبية، ومنها ايضا التدريب المستمر لزيادة كفاءة منتسبي هذه الاجهزة والتي تعتمد على الدراسة العلمية للارهاب، منابعه، تمويله، حواضنه، والشرط الاهم هو ذكاء الاجهزة الامنية  بالاستفادة من المعلومات التي تحصل عليها وتحليلها بالسرعة الممكنة من اجل قطع الطريق على الارهابيين في توجيه الضربة الاولى، ان ذكاء الاجهزة الامنية لا بطشها وقسوتها هي التي تحدد قوة اي جهاز امني في مواجهة الارهاب. فهل أجهزة الامن في العراق اليوم تتمتع بالذكاء الذي يتيح لها محاربة الارهاب وتوجيه الضربات الاستباقية له؟

 

ان بناء الوزارات والاجهزة الامنية كالداخلية والمخابرات والاجهزة الامنية الاخرى المرتبطة بوزارة الدفاع ومكتب السيد رئيس الوزراء على اساس طائفي ستؤدي بالضرورة الى عدم فاعلية هذه الاجهزة، لانها ستحرم الكثير من الكفاءات المحسوبة على طائفة او دين او قومية اخرى من العمل في صفوفها، وهذا يؤدي ولشعور المواطنين بالتهميش "المتعمد" الى غياب الكثير من المعلومات التي تحتاجها هذه الاجهزة لتنفيذ عمليات استباقية ضد اوكار الارهاب وحواضنه، خصوصا بعد ان يصبح هذا الارهابي ونتيجة فشل السلطة "الدولة" في تلبية حاجات المواطنين "بطلا" ومحل تقدير شرائح واسعة من السكان في مناطق ذات طيف مذهبي واحد. كما وان سياسة الاعتماد على العشائر والمؤسسة الدينية الطائفية من قبل السلطة يواجهه اصطفاف عشائري من الجانب الاخر مدعوما بمؤسسة دينية طائفية، واللتان ستغضان النظر عن العديد من التحركات الارهابية "لحين تحقيق مطالبها" خصوصا المقبولة منها والتي لازالت الحكومة متلكئة في تحقيقها على الرغم من اعلان استعدادها لتنفيذها.

 

ان نجاح الحكومة في صولة الفرسان بالبصرة لا يعني مطلقا نجاحها في محاربة الارهاب والحد منه حتى بعد انحساره بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية وتحديدا لوقت بداية الازمة الجديدة التي بدأت بمشكلة الهاشمي ولليوم. كما وان نجاح الحكومة حينها باستتباب الامن نوعا ما لا يعود الى قوة اجهزتها الامنية وسرعة تحركها بل الى قوات الصحوة التي تحملت مسؤولية محاربة المجاميع الارهابية "المعروفة عندها"، والتي قلنا يوما من انها قادرة على قلب الطاولة في وجه بغداد متى ما ارادت، وها هي السلطة تمنحها الاسباب الكافية للانقلاب عليها وعدم الالتزام بتفاهماتها السابقة معها، مما جعلها - او القسم الاعظم منها- في موقف لا يحسدون عليه حيث تتهم الحكومة قادتهم بالارهاب من جهة ومن الجهة الاخرى اصبحوا هدفا للمجاميع الارهابية نتيجة تعاونهم السابق مع السلطة.

 

ان تفجيرات اليوم وتفجيرات الغد وبعده لا تشير الى فشل سلطة بغداد الذريع في حماية ارواح المواطنين فقط، بل تشير وبشكل صارخ الى دجل وكذب هذه السلطات وديماغوجية اعلامها حول نجاحها في محاربة الارهاب واستتباب الامن والتي تعتبر الركيزة الاساسية عند المطالبين بولاية ثالثة للسيد رئيس الوزراء ، وهذا الفشل  يضاف الى فشله وطاقمه الوزاري في تنفيذ ايا من برامجه الحكومية. فالفساد الذي يضرب كل مرافق البلد وتخبط القوى المتنفذة في ايجاد الحلول الكفيلة بنزع فتيل الازمات التي تناسلت بسببهم اسقط عنهم حتى نصف ورقة التوت التي كانت تسترهم.   

 

ان محاربة الارهاب والحد منه وصولا للقضاء عليه بحاجة اضافة الى ما ذكرنا اعلاه الى اجواء سياسية صحية بعيدة عن الاتهامات والاتهامات المضادة والتخوين، والبدء الفوري لعقد مؤتمر وطني واسع يضم كل القوى الوطنية المؤمنة بالعملية السياسية وتطويرها. ان محاربة الارهاب بحاجة في هذه اللحظة تحديدا الى حل سياسي وهذا لا يأتي وكل فريق يتمترس بطائفته وقوميته.

 

ايها السادة ان الارهابيين ليسوا اشباحا ودولة المواطنة هي الوحيدة القادرة على تطهير البلد منهم، فأعملوا على تأسيس دولة المواطنة الحقة ليعيش "شعبكم" بامان كالشعوب الاخرى، خصوصا وان انهيار النظام السوري الوشيك ستكون له تداعياته على الوضع السياسي والامني.

 

 

 ان الطريق مظلم و حالك فاذا لم تحترق انت وانا فمن سينير الطريق "تشي غيفارا"

 

زكي رضا

الدنمارك

14/3/2013

 

 

 

 

 

 

 

حلبجة لاتزال تعاني من ألام مخلفات القصف البعثي الكيمياوي .....؟!


      
        شه مال عادل سليم

     www.shamal.dk

 

حلبجة, تلك المدينة التي تحولت خلال دقائق الى مقبرة جماعية لاحصر لها  , تقع في اخضان جبال ( شنروي وسورين وهورامان ) تبعد خمسة عشر كيلومتر عن الحدود الايرانية  ,  في السادس عشر من اَذار/ مارس 1988  وبامر من الرئيس العراقي المعدوم (صدام حسين ) تم قصف المدينية المنكوبة بالاسلحة المحرمة دوليأ منها ( القنابل العنقودية والنابالم والاسلحة الكيمياوية ( غاز الخردل , الاعصاب , الفوسجين والسيانيد ) , استشهد خمسة الاف مواطن كردي بينهم نساء واطفال وتشوهت اجساد اكثر من 7 الاف شخص خلال الدقائق الاولى من القصف الوحشي ....

ومن الملفت للانتباه ان طيران النظام البعثي الفاشي قام اولا بقصف حلبجة  بالقنابل العادية , ثم اغار عليها بالقنابل الكيمياوية , حيث قال العميد (جودت مصطفى النقيب )في حديث لاذاعة العراق الحر التي كانت تبث من العاصمة التشيكية في براغ , ان الطائرات التي شاركت في ضرب حلبجة بالاسلحة الكيمياوية , انطلقت من ثلاث قواعد جوية تابعة للنظام العراقي , هي (قاعدة البكر وقاعدة صدام وقاعدة كركوك) , وكان العميد جودت مصطفى النقيب يشغل منصب مدير ادارة السلامة الجوية في القوة الجوية العراقية , قبل احالته على التقاعد في تموز 1988 وكان احد ضباط غرفة العمليات في اليوم الذي قصفت فيه حلبجة , وهو يوم 16 اذار 1988 ....

ورغم مرور كل هذه السنوات , إلا أن حلبجة الجريحة لاتزال تعاني من تبعات القصف الكيماوي , و لايزال أهالي هذه المدينة المنكوبة وضواحيها يشعرون بضيق التنفس والاحمراروالحكة في العين وحرق الجلد واحتقان الرئة والتعرق والتقيؤ والربو والسرطان وعاهات وإضطرابات عصبية , وتخلف عقلي , وشلل دماغي والعقم ومشاكل البصر واعراض مرضية مزمنة كثيرة اخرى ....

ولغرض إجراء فحوصات لتربة المدينة التي قصفت بالسموم القاتلة قبل اكثر من 25 عامأ , زار وفد  بريطاني متخصص بالاسلحة الكيمياوية مدينة حلبجة قبل فترة  , حيث قام بإجراء فحوصات لتربة المدينة التي تعرضت  للقصف بخليط من الغازات السامة المميتة،كغاز الخردل وغاز الأعصاب ( سارين) وغاز التابون وغاز (في أكس), وتبين وجود بقايا من غاز الخردل القاتل في عدد من الملاجئ وأقبية المنازل, وعليه تفاجأ  أعضاء الفريق البريطاني بوجود تلك الغازات وطالبوا اصحاب تلك الأقبية بعدم لمس التربة ......

ومن هذا المنطلق  نرجو سرعة تكثيف الجهود من قبل الجهات المعنية في الحكومة المركزية وحكومة الإقليم من أجل إيجاد حل سريع لهذه المشكلة الخطيرة التي يعاني منها سكان حلبجة, بالاضافة الى تكثيف العمل من اجل فضح الشركات الاجنبية التي زودت النظام البعثي البائد بالاجهزة والمعدات اللازمة لانتاج السلاح الكيمياوي ,وحسب تصريح المسؤولين عن لجنة الكشف عن اسلحة الدمار الشامل العراقية لصحيفة  ( البولتكن الدانماركية , وهي أوسع الصحف انتشارا) بان من ضمن ( 25 ) شركة زودت النظام العراقي البائد باالسلاح الكيمياوي ومعداتها , ( 17 ) شركة منها (المانية ), بالاضافة الى تكثيف العمل من اجل فضح الشركات الاجنبية ومطالبتهم بتقديم التعويضات ( صحيأ وماديأ ومعنويأ ) عن تلك الاضرار الجسيمة التي لحقت بحلبجة باعتبارهم شركاء النظام البعثي فيما اقترفوه من جرائم ضد الانسانية وجرائم حرب وتجريمهم لقاء عملهم هذا .....

نعم ان التحاليل العلمية والمختبرية أثبتت من جديد بان الأضرار الكيمياوية بغازي ( الخردل والسيانيد ) يبقى تاثيرها مستمرأ على حلبجة واهلها الى ما لانهاية ...!!  

 

                  

 

الأربعاء، 13 مارس 2013

نفرات شيعقله!!


ترك العراق حين كان طفلا، بعد هجوم كاسح لقوات الجيش على المناطق الكردية في التسعينات ، هرب والدية  الى مخيمات اللجوء في دول الجوار وبعدها الى اوربا، طفلا  عاشت في ذهنه الصور القديمة ، لكن الصورة الجديدة ارتسمت له على يد المعلم الذي لم يصفعه بالكف بمناسبة ودونها ، او يجبره للوقوف على قدم واحد في زاوية الصف ، وليس في اجواء سخرية زملاء الصف، او مقص المدير  لمحاربة ذوي الشعر الطويل  كما كان يحدث في مدارسنا،  وانما في اجواء يساله المعلم بها ماهو رايك  انت وماذا ترغب ان تعمل وماذا تريد ان تكون في المستقبل ، وابتسامة ترسم على الوجه ، ليس بسبب الحب والحنان وغيرها ولكن بغض النظر عن هذه الامور الا ان القانون يمنع منعا باتا ضرب الطفل ، او تعريضه للاستهزاء والسخرية ، ويعاقب عليها ان حصلت ، هذا لا يعني انها لن تحصل في مدارس البلد الذي عاش به هذا الطفل ابن اربيل وانما ان حصلت فهي حالات يسلط عليها الاعلام ناره  وكثيرا ما تكون نتائجها بفصل من يرتكبها من عمله ان لم تصل لعقوبات اخرى، وهذه لا تشبه  باي حد من الحدود مدارسنا التي شعارها العصا لمن عصى !! ونحن عصاة بالفطرة!! والمعلم بها رسولا!!.

سقط النظام وكانت قبل ذلك المحافظات الكردية تحت الحماية الدولية، حينها قرر الوالدين  العودة لارض الوطن، البعض يتصور العودة بسيطة جدا ، تذكرة سفر وحقائب واشياء يحملونها معهم  لا يملكها الجيران، فتسلط الضوء عليهم ، لم يدرك الكثير ان البدايات صعبة جدا  لابل انها اصعب بكثير من النهايات، ونحن الذين  "  طفرنا "  من فوق قبورنا الجماعية  لخارج حدود المجزرة !! مررنا ببدايات كثيرةٍ ونهايات كثيرة ٍايضا، وبصدق اصبحنا بعدها نشابه الغربان لا نحن نركض ولا نحن نمشي  بحالة هرولة  دائمة وضياع دائم  ناهيك عن الاستنزاف بجميع المجالات .

 عاد الابن الاربيلي الى احضان اهله ولغته وجبال مدينته ، الا انه بعد حين قرر العودة من حيث اتى، وحين وصل لبلد الاقامة استقبله  احد اصدقاء والده في المطار  وبالتاكيد ستكون هناك الكثير من الاسئلة عن الحال والاحوال ، وكان جواب الفتى  لا يوجد شيء جديد!! كيف لا يوجد شيء جديد وهناك عمران في البلد وتشجير وجسور وتبليط ومدارس وو وو وو ، فكان جواب الشاب الذي ابعد قسرا دون اي ذنب يرتكبه الا لكونه كردي القومية كما هم عشرات بل مئات الالاف من المعارضين للنظام ايضا، نعم هناك عمران و تبليط ومدارس  وتشجير ولكن يا عمو نفرات شيعقله!! نفرات يقصد بها الناس  وشيعقله قصده بها الوعي والتمدن والتحضر!! فهل  طفل الامس على خطاء ام انه اصاب  الحقيقة من  راسها حتى اخمس قدميها.

ان العمران الشاهق وغيره من مظاهر البناء  لا يدلل على تقدم البشر بقدر ما يدلل عليه سلوكهم اليومي !! ونحن لازلنا حتى اليوم وللمستقبل القريب نعيش تحت الجملة التي اطلقها الاربيلي بحق " نفرات شيعقله" حقا نفرات  بما تعنية الكلمة  لان  ثقافة النفرات  هي طوي الخيمة والرحيل، وهذه  غير ثقافة   بناء وثبات المدن والحفاظ عليها وعلى   معالمها التاريخية.

كريم الربيعي

26-2-2013

لقاء مع صديق يهودي قديم


عماد رسن
 
أسميه صديقي القديم بالرغم من أني لم أعرفه ولم ألتق به من قبل, أما فارق العمر بيننا فيتجاوز الثلاثون عاما ً لكنه بالرغم من ذلك يبقى صديقي لأني أحسست بأن هناك أشياء كثيرة مشتركة بيننا, أولها لون البشرة الحنطي, وثانيها اللغة العربية التي يتقنها بالرغم من غيابه عن الوطن لأكثر من خمسين عاما ً, وأخيرها وليس آخرها قصة الهجرة المشتركة بيننا, فكلانا هاجر أو هجر رغماً عنه, وكأن هذا الوطن يفرط بنا, نحن أبنائه الذين نفترق عند طرقات الأرض, نسئل عن وطن ضاع منا, لكننا في الحقيقة نحمله في حقائبنا, أنا حللنا, ونفترشه على أرصفة المحطات الثلجية فنشعر بالدفء حين يغطينا.

 

لقد جاء ضيفاً على الجامعة يلقي محاضرة عن الديمقراطية في تركيا وإمكانية تطبيقها في مصر, لقد كان عالم الإجتماع العراقي البروفيسور سامي زبيدة واسع المعرفة مطلع على التفاصيل السياسية والثقافية والاجتماعية والدينية في الشرق الأوسط, وكان يجيب على الأسئلة المطروحة بطريقة تنم عن سعة في الإطلاع ونظرة ثاقبة للمستقبل. في وقت الإستراحة وقبل وقت طرح الأسئلة سئلته هل تتقن العربية فقال بأنها لغته الأم, وقرأ أبيات من الشعر من قصيدة نهج البردة لكعب بن زهير بلسان عربي طليق بعد أن سئله أحدهم عن التشدد والإنفتاح في الرؤية الإسلامية لجسد المرأة بين الماضي والحاضر. سألته مجددا ً عن العراق فقال أنا من بغداد ولكن تركتها منذ زمن بعيد. في تلك اللحظة رأيت نفسي بلا وطن في العشرين أو الثلاثين سنة القادمة من عمري أبحث عنه في صور قديمة ولغة يتحدث بها شخص هنا أو هناك. وكما قرأت عنه, فالرجل يهودي الأصل ذو ميول يسارية, أو ربما هو من أولئك اليهود اليساريين الذين رفضوا الذهاب إلى إسرائيل وفضلوا العيش في لندن ونيويورك. قلت له هل ستذهب إلى بغداد يوما ما, فقال لا, كيف والوضع السياسي لم يستقر بعد ولايبدو بأنه سيستقر في الوقت الحالي. قلت له ستأتي معي إلى البيت حيث ستأكل الدولمة فضحك كثيرا ً وقال في فرصة قادمة فأنا مدعوا من الجامعة وهم تكفلوا بكل شيء.

 

في هذا اللقاء القصير, تجتمع هناك قصتان, قصة الوطن الجريح وقصة الهجرة التي جمعتنا. كل يوم في رحيل, نحن كالطيور نهاجر إلى كل مكان إلا الوطن. ولكن, حتى الطيور لها أعشاش كما يقول مظفر النواب. لقد رحُل اليهود بحجج واهية وبلعبة سياسية حقيرة ليتركوا وطننا عمروه حين عاشوا فيه آلاف من السنين, خسروا الوطن وخسرهم الوطن بخسارة تراثهم وعقولهم ورؤوس أموالهم. أما ما بعد ذلك, فقد بدأ موسم الهجرة إلى كل مكان من هذا الوطن بحجج كثيرة, وكأن هذا الوطن يطرد أبنائه. لم يكن موسما ً واحدا ً للهجرة ولاكانت هناك وجهة واحدة كالشمال, لم تكن تلك الهجرات كهجرة الطيب صالح في روايته موسم الهجرة إلى الشمال حيث يبحث عن الإنتقام بطريقته الخاصه. رحُل كل من يحمل جنسية تبعية بحجة الإنتماء لإيران وهم أهل البلد حيث عاشوا فيه مئات السنين. هُجر بعدهم الأكراد الفيلون ليتركوا على الحدود الإيرانية وهم عشرات الآلاف بعد أن جردوا من ممتلاكاتهم في ليلة ظلماء غابت بها نجوم السماء واختفى بها القمر ليموت منهم المئات في البرد القارص. هُجر أكراد الشمال من مناطقهم من أجل تغيير الخارطة الديمغرافية وكأنهم مصابون بمرض خطير معدي ولابد من التخلص منهم. هُجر الشيعة من مناطقهم وهُجر السنة كذلك من مناطقهم وهُجر الصابئة والمسيحيون أهل البلاد الأصليون وهُجر الناس جميعا ً على حد قول عاد الإمام في مسرحية الود سيد الشغال.

 

لا أعرف من منا يريد أن يعيش وحده في هذا البلد حتى يبدأ بتهجير الآخر! لماذا نريد أن نتشابه في الطعام والشراب والملبس والمأكل والثقافة والعادات والتقاليد, ألا يكفينا بإننا نتشابه بحجم أنوفنا الكبيرة رغم عدم فاعليتها, فغالبية من ألتقيهم من العراقيين مصابون بالجيوب الأنفيه معطلة أنوفهم. لماذا نريد أن نكون متشابهين وقد خلقنا الله مختلفين, أليست تلك مفارقة عجيبة! هل سنهجر أبناء قبيلتنا حين ينفذ منا أصحاب القوميات والأديان والمذاهب الأخرى كما ينفذ الغاز السائل فنضطر حينها بالإستعانة بالخشب ليمنحنا بعض الدفء.

هذه قصة وطننا الواحد الذي لانعرف أن نعيش فيه ونحن عدة قليلة من الأديان والمذاهب والقوميات المختلفة التي تناغمت في عيشها منذ الآف السنين. كيف لا وأنا أعيش في مدينة صغيرة في شمال أوربا فيها أكثر من مئة وعشرين جنسية بمختلف أديانهم وأعراقهم ومذاهبهم وثقافاتهم, لكنهم رغم ذلك وجدوا طريقة للتفاهم فيما بينهم وعاشوا عيشة سعيدة بقليل من المشاكل. حتى عندما يركب أحدنا باص النقل وإذا بكل ممثلي الدول يركبون في هذا الباص وكأنه الجمعية العامة للأمم المتحدة. تلك هي قصة الوطن الذي لم نستطع أن نتفاهم ونتقاسم فيه معيشتنا فهل نتعظ من قصص الماضين, قصص من هجروا وهم لايزالون يحملون في قلوبهم اللوعة, نعم, لوعة العودة إلى الوطن والعيش بسلام مع الآخر المختلف في الدين والعرق والقومية.  

عماد رسن


 

مستقبلكم بين أيديكم ... اختاروا الأفضل ..؟!


                                                                                            

    شه مال عادل سليم


 

لقد حان الوقت لنقول كلمتنا بوجة الفساد والمفسدين ...نعم حان الوقت لاختيار الافضل من اجل مستقبل العراق والعراقيين .

ان  (صناديق الانتخابات)  هى الحل الوحيد وهى الحكم والفيصل فى أى صراع سياسى نزيه , وانها مفتاح التغيير وأساس التقدم ...

لقد حان وقت  التغيير والإصلاح بصورة سلمية وحضارية.... فلاتترددوا ...تقدموا الى الامام بثبات واختاروا الافضل ... ولا تنسوا  هذه الصور وما وراءها :

 

1 ـ أن هيمنة الاحزاب العراقية الحاكمة على المؤسسات والدوائر الحكومية والقطاع الخاص , ادت إلى قلة توفر فرص العمل .

                            

                           

2 ـ الفساد الاداري والمالي المستشري في مفاصل الدولة , أدى إلى سرقة مبالغ كبيرة من المشاريع والعقود التجارية المبرمة ( واغلبها وهمية ) مما ترك أثره على دخل الاسرة العراقية ..

        

            

  3 ـ  أن حكومات العراقية المتعاقبة و تحديدأ ( بعد سقوط الصنم ) كانت غير مخلصة وغير أمينة  على مصالح الشعب , كان همها الوحيد نهب و( فرهدة ) خيرات وثروات العراق  وتقاسم الموارد بين المتطفلين على حساب الشعب العراقي مما انعكس سلبأ على الواقع المعيشي للشعب   .....  

                                                       

 

4  ـ ارتفاع الأسعار والغلاء الفاحش بسبب عدم وجود سياسة اقتصادية واضحة المعالم تكمن الدولة من السيطرة على الاقتصاد , الأمر الذي لعب دورا في قلة المردود الاقتصادي وبالتالي تقليل الدخل الشهري للعائلة ...

 

      

5 ـ فقدان كثير من الأسر لمعيلها بسبب القتل والانفجارات مما حرمها من مصدر معيشتها وتركها تواجه مصاعب الحياة بدون معيل لها ...

                                        

 

6 ـ انعدام الخدمات دفع العائلة العراقية إلى الاعتماد على نفسها في تامين جزء من هذه الخدمات التي القت بضلالها على المعيشة اليومية ..                                
 

 

7 ـ اصبحت التعيين في الدوائر الحكومية مقتصرة على المعارف والحزبية والمحسوبية والمنسوبية مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة ...        

 

اخيرأ لم يبقى لي الا ان اقول : ان  مستقبل البلد  بين أيديكم ... اختاروا الأفضل ..

فانهض ايها االناخب وقل كلمتك الفاصلة ...فصناديق الاقتراع هي المحك ...ولاتنخدع بالبطانيات والهدايا (المسروقة اساسأ من ثروات الشعب العراقي) المظلوم ,ولاتنخدع بالوعود الكاذبة والشعارات البراقة ولا بالولائم والجلسات العشائرية ...!!

ارفع رأسك ...و انظر الى واقع حال العراق واختار الافضل من اجل بناء عراق ديمقراطي مزدهر يرفل شعبه بالعزة والكرامة والحرية....

نعم .. اختار الافضل من اجل العدالة والديمقراطية ونبذ المحاصصة الطائفية ....

 

بيني وبينك


                    بشرى الهلالي                                                                    
 
أحاول أن أقول شيئا.. منذ مدة.. ولا أستطيع..                                                                              
لماذ يصعب علينا الكتابة عن الفرح بينما يسهل الكتابة عن الألم؟
أدمنّا الحزن؟ أم اننا بتنا نخجل من مجرد الاعتراف بلحظة سعادة نسرقها في غفلة من الزمن؟
أعصر الكلمات.. افتش فيها عن نسمات (عصاري) الصيف البنفسجية.. كيف للكلمات ان تتحرر من رأس تعودت عيناه مرأى مفارز التفتيش والحواجز؟
أحمل لحظاتي معك في قارورة عطر.. وأهرب حتى من نفسي.. من شرطي يجري خلفي بسياط الرعب..
وهج أعمدة النور.. أضواء السيارات الكاشفة تتحدى ظلام الليل.. لكني أفقد الرؤيا.. فأشباح الخوف تغتال النور..
أريد أن أقول لك شيئا.. هو شئ بسيط لكنه أكبر مني.. فهناك في أعماق الروح أوجاع تتراخى بكسل.. تدير ظهرها وهي تغادر مسكنا أستأجرته طويلا دون عقد ايجار.. ليتها ترفع يدها مودعة فيكون الوداع الأخير..
سأكمل ما أنوي قوله.. ألا ترى اني أحاول؟ ليس ذنبي إن كان لساني مقيدا بحزام أمان.. وخطواتي تقودها اشارات المرور.. لقد علمونا ان الضحك (فأل شر)، والبكاء يطهر الروح.. علمونا ان الحزن رقي.. والفرح سذاجة. مازلت أتذكر ماقالته أمي لي مرة: (الناس تحسد عالضحكة.. فلا تضحكي كثيرا).. لكني لا أملك غير الضحك ياأمي.. وهل يملك الفقراء غير أجسادهم وحواسهم؟ انها المساحات الوحيدة التي تعطيهم حق السيادة.. لا أريد سوى أن أمارس حقي في السلطة على جسدي وحواسي.. وها أنذا أجرب الفرح.
لن أدعي البطولة.. فأنا لم أقاتل بحثا عنه.. هو من هطل مع أمطار هذا الشتاء.. أدرك أن أعشاش الحزن أحكمت أساساتها في محيط الروح.. فلم ينث بركاته بل اندفع سيلا جارفا في شقوق أرض بور..
هو ذاك ما أبكاني؟ خوفي من أن يطرف جفني فلا أراك، فيهجرني الفرح؟
نعم بكيت.. غسلت دموعي بقع الحزن المتراكمة على نسيج أيامي..
هه.. بكيت أيضا.. في كل مناسبة نبكي!! حقا لسنا حتى تلاميذ في روضة الفرح.. فمنذ بدء الخليقة عقدت شمس بلدي ظفائرها بشرائط سوداء.. وتعودت الامهات أن يترقبن الغائبين منذ الغروب بفأل الخوف من مجهول.
هل أبالغ؟ هناك في صندوق اسمه الماضي يغفو أطفال الذكريات، وبين أجفانهم رقدت براءة أيامنا.. هنــــــــــــــــــــــاك.. حيث كانت صباحاتنا عذراوات ومساءاتنا عرائس وليالينا ملونة. كنا نطارد الفرح كفراشات في حقل ذهبي السنابل.. حتى عندما تلوثت حقولنا برائحة البارود، لم نكف عن الحلم.
اعلم.. قلت الكثير.. ولم أقل لك ماأريد قوله.. أخبرتك اننا لانجرؤ على لمس الفرح.. قد يتهموننا باغتصابه، فهو لم يعد من مستلزمات المرحلة، لذا وضعوه في صندوق زجاجي في متحف ما أو ربما في قبو..
 ان أردت الحق.. فلأننا جبناء.. جنود مهزومون.. نحارب من أجل كل شيء، الوطن، القائد، الدين، العقيدة، الخبز، المال.. كل شئ الا حقنا في أن نفرح؟ هل تعلم لماذا؟
بالطبع تعلم، فأنت من علمني ذلك.. لأننا نسينا اننا بشر، وعندما تذبح انسانيتك لا تعود بحاجة للفرح لأنك لن تعرف قيمته.
أظنني قلتها.. أخيرا.. حتى وان خرجت ضمن الكلام.. من اللاوعي ربما.. لكنها ليست (زلة لسان)..
..انت.. لم تعلمني الفرح.. بل وهبتني الشجاعة على النزول الى القبو بحثا عنه..
هل تظن ان علي ان أقول، أكتب ذلك؟ لا أظن.. فلم يستطع أحدا يوما فك طلاسم الروح.. ظلت لغزا أبديا.. والنزول الى قبو الفرح يحتاج الى روح محارب.. .. وحدك من يمتلك هذي الروح..