الأربعاء، 19 مارس 2014

ماذا حقق ابطال حرب العراق؟في الذكرى الحادية عشر لاحتلال العراق// الورقة الخامسة



كريم الربيعي

 استمرار غيبة الحقوق...

لقد استمرت غيبة الحقوق  ولم يطرء عليها تحس، ماحدث هو تبادل ادوار، المؤيدين السابقين معرضين للقتل والسجن والهروب، وبعض المعارضين  عادوا ، بقى الحال برئة واحدة ان لم يكن اقل ايضا، وتميزت الحالة باستهداف المحسوبين على النظام خارج القانون ومن تاب وانضوى بحزب اسلامي حافظ على حياته بعض الشيء. انتشرت فرق الموت التي تطارد قادة الوحدات العسكرية والطيارين والعلماء وفق قوائم معدة  ومدروسة سلفا ، وعجز من يسمون انفسهم بالسلطة  عن الاعلان عمن يقف خلف تلك القوى، ذاع صيت كواتم الصوت، والخطف من وزارات الدولة ودوائرها كما حصل في وزراة المالية ومع اعضاء اللجنة الاولمبية ومع احد الفرق الرياضية  ايضا والامثلة كثيرة، كل هذا وسط التفجيرات والقذائف  التي لم تترك حتى الذين في منازلهم والاعتقالات العشوائية التي  طالت اكثر من 150 الف معتقل وهذا المعلن عراقيا واميركيا قبل قرار العفو رقم 19 لسنة 2008، وتبقى التقديرات اكبر وتبقى السجون السرية التي تديرها مليشيات على اختلاف تنوعها وانتمائها ومنها مليشيات الاحزاب البرلمانية او المحمية من تلك الاحزاب لا يعلم فيها الا الله، وليس بالامر المستغرب ان وجد يوما ما على ارض  العراق سجون لدول جارة  او غيرها من التي تعمل مخابراتها على ارض العراق وبدعم وحماية من قوى داخل العراق.

فليس  بعيدا وكما وصف روزفلت عام  1933 موسيلني بانه " النبيل الايطالي الرائع"[1] ان توصف الادارة الاميريكة احبابها في العملية السياسية العراقية بالنبلاء وربما لمراعاة مشاعر الغالبية العراقية بانهم خدمة الدين. كيف لنا التصديق بالوعود الديمقراطية بينما واقع الحال يشير الى العكس دوما وكما" كتب الن توفلسون يقول انه على طول الخط، ظلت تواجه صناع السياسة(الاميركيين) تلك " المشكلة المؤرقة" كيف السبيل الى التوفيق بين الالتزام الرسمي بالديمقراطية والحرية وبين الحقيقة الطاغية وهي ان" الولايات المتحدة كثيرا ما تضطرالى اقتراف اعمال رهيبة للحصول على ما تريده"[2]

وربما هذا العنف والقتل اليومي والتازم والتازيم الدائم هو تاكيد جديد لقديم ، وكما وصفه السيد براي ويلسون حول الاميركيين اللاتينيين بقوله  "- فان الاميركيين اللاتينين- اولاد مشاكسين ، يمارسون جميع امتيازات وحقوق الكبار" وتلزمهم لذلك " يد قاسية، يد حازمة" [3] وهذا هو ما يحصل معنا اليوم . هنا يجب التركيز وباختصار على دور اميركا في رفع هذا الشعار والتغني به مقابل جميع اعمالها الاخرى في القتل والترويع والاغتيالات والانقلابات التي احدثتها في العالم  لكنها ولقوة اعلامها واموالها تمكنت من اعلاء وربما تثبيت وهم صوت الدفاع عن الحرية والديمقراطية في عقول الطربين بسياساتها.

ان هذا الواقع " واقع القتل والارهاب"لم يفرق بين ابناء الشعب العراقي على اختلافهم، حيث تداخلت مصالح الارهابيين مع مصالح سياسية للكثير من القوى ومصالح دول خارجية ايضا لتنتج حملة تهجير مصحوبة بالرعب والقتل والتفجيرات لاخلاء العراق وبشكل خاص من المسيحيين وابناء الطوائف الدينية الاخرى، وقد نجت تلك الحملة  كثيرا، ووصفها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة إمام مجلس الأمن - كانون ثاني 2009 - حول العراق إن حملة تهجير المسيحيين في الموصل كانت مخططة بدقة ومنهجية بدافع سياسي وليس إجرامي  .

لقد شكلت حملات التهجير والهجرة قلقا للكثير من دول العالم وللمنظمات الدولية  ولجميع الوطنيين العراقيين فقد حل العراق " ثالثا في اعداد اللاجئين بالعالم" [4] وقد ازدات تلك الهجرة بشقيها الداخلي والخارجي ابان وجود قوات الاحتلال جميعها والتي كانت اكثر من 150 الف عسكري، في حالة تثير السخرية الا وهي الطردية مابين عدد القوات الكبير لو اضفنا القوات العراقية باختلافها لهذا العدد وحجم جرائم الاغتيالات والتفخيخات والتهجير الذي كان يحصل وهذا ما يؤكد قول لنعوم تشومسكي حين يصف حالة كولومبيا حين ازدادت المساعدات العسكرية الاميركية لها ازدادت قوة العصابات المسلحة مما ادى لتهجير ما يقارب عن" 2مليون و700 الف يزدادون بمعدل الف يوميا" [5] بالاضافة الى طرد اخرين من مساكنهم وكذلك علميات الاغتيالات  السياسية. وهذا ما نلاحظه يتكرر اليوم من عملية هجرة  في محافظة الانبار ترافقا مع العمليات العسكرية والدعومات الاميركية وما سبقها من تصريحات للبدء بحرب عالمية ثالثة ضد الارهاب، حيث اشارت تقارير الامم المتحدة  الى اعلان" الهلال الأحمر العراقي يعلن نزوح 13 ألف عائلة من الفلوجة أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين الجمعة 24 يناير/ كانون الثاني، أن أكثر من 140 ألف عراقي نزحوا من محافظة الأنبار"[6] ، وهذه من  انتاج الغزو وحلقة جديدة من حلقات التهجير التي تمر على الشعب العراقي، فبعد ان تركت السياسات الدكتاتورية ما يقارب 3.5 -4 مليون مهجر وهارب وملاحق سياسيا تركت الحرب الملايين ايضا من المهجرين الذين طافت بهم الدول المجاورة سوريا والاردن وتركيا ومصر وغيرها الكثير.

وبقت  المراة المستهدف الاول دوما و التي دفعت الثمن في العمل والشارع والمدرسة من خلال هيئات النهي عن المنكر التي تقودها بعض المليشيات، وفي ظل "رغبة" وصمت وليس عجز، السلطات التنفيذية من ردع تلك المليشيات التي تشترك اذرعها السياسية في العملية السياسية. واضافة للعنف اليومي العام الذي تعاني منه وصل العنف المنزلي عليها لمستوى 51.2% على المستوى الوطني  فيما في الاقليم 25.8% ناهيك عن ظاهرة ختان الاناث والقتل الذي يسجل تحت عنوان الانتحار واستمرار ظاهرة الزواج المبكر دون سن الخامسة عشر والتي شكلت على المستوى الوطني 5.5%. فيما المتزوجات دون سن الثامنة عشر يشكلن 23.4% على المستوى الوطني،  ناهيك عن تزايد اعداد الايتام والارامل بسب القتل اليومي ، هذه الارقام وفقا للمسح العنقودي متعدد المؤشرات  لعام 2011والذي صدر عن دائرتي الاحصاء الوطنية والاقليم ووزارة الصحة واليونسكو .

ان ابرز الجرائم التي تبقى شاهدا ووصمة عار على جبين من قاموا بالحرب ومن طبلوا لها هو ما استخدم من اسلحة كيمياوية ابتداءا من اليورانيوم المنضب وانتهاء بالفسفور وقنابل النابلم التي جرى استخادمها في مناطق عديدة من العراق من  الجنوب الى الفلوجة، تلك الاسلحة التي كانت السبب في الولادات المشوة خلقيا.. امراض السرطان المنتشرة بكثافة في العراق وغيرها الكثير الذي يمكن ان يقاس على الاحوال الاجتماعية لو جرت دراسات  متخصصة بهذه الخصوص .

وقد اثبتت الولايات المتحدة الاميركية نيتها مسبقا في استخدام تلك الاسلحة ضد العراق وحروبها الخارجية الاخرى وهذا ما دللت عليه جهودها ففي" 17-ايلول /سبتمبر 2002" عمدت الادارة راسا وعلى المكشوف الى " التخلي عن الجهود الدولية الهادفة الى تشديد بنود اتفاقية الاسلحة البيولوجية بشان الحرب الجرثومية" ناصحة حلفائها بوجوب تاجيل المشاورات الاضافية حولها مدة اربع سنوات" . وبعد عشرة ايام، في 23تشرين الاول/اكتوبر تبنت لجنة نزع السلاح التابعة للامم المتحدة قرارين حاسمين :الاول  يدعو الى اتخاذ اجراءات اشد صرامة لمنع عسكرة الفضاء الخارجي، وذلك " لتفادي خطر مميت على السلم والامن الدوليين". واعاد القرار الثاني التاكيد على برتوكول جنيف 1925، الذي " يحظر استخدام الغازات السامة والطرق البكتريولوجية ( الجرثومية) في الحرب" وقد اجيز كلا القرارين بالاجماع مع امتناع دولتين عن التصويت هما: الولايات المتحدة واسرائيل"[7].

ان ماحققة دعاة الحرب والتحرير هو فتح نهر من الدماء  و تطبيع العين العراقية على الدم ومناظر الجثث والاشلاء واصبح الموت امرا مالوف!!. ولازالت حتى اليوم لغة الخطوط الحمر والتهديد والوعيد تنطلق ومن منابر الدولة على لسان الساسة المشاركين في العملية السياسية  في خرق واضح للدستورهم ،الذي ارادوه هم، ولجميع مواثيق حقوق الانسان ومنها التي وقعها العراق والتي لم يطلع عليها الحاكمون ، بل ان ترديدهم لتلك الجمل ماهو الا ذر الرماد في عيون ابناء الشعب. ان هذا الملف ملف  اُثقل كثيرا .. لقد استمرت ذات  سياسة القمع والحروب  وكم الافواه ، وكان التغيير هو تحول الامر من سياسة الحزب القائد الى نهج الامام القائد وهذا ما تثبته وقائع الايام بالتفصيل الممل حيث كانت منظمات السلطة تجبر البشر على الدخول فيها بالاكراه  وتوزع كراساتها والان يجبر الطلاب من الفتيات لارتداء الازياء  التي يحددها مشايخ الدين وتوزع عليهم " الزناجيل" وغيرها ، نعم ان الادوات تغير لونها الا انها ذات الادوات وذات الفكر الاحادي المبني على القمع ومصاردة الراي الاخر الهادف الى تغييب الانسان.

ان ما يسعى له من يديرون البلاد اليوم هو خدمة مصالح رعاتهم  وقد حققوا الكثير منها وهم يقتربون اليوم من اطلاق الرصاصة الاخيرة التي ستجعلنا اسرى طوائف وامراء.....

ليس هناك من سبيل لانقاذ البلاد الا في صحوة وطنية يكون هدفها الاول والاخير امن البلد القومي مبنيا على اساس قوة وحرية المواطن وعلى اساس روح المواطنة التي تضمن للجميع حقوقهم ودون تمييز لاي سبب كان، شعارها شركاء في هذا الوطن على اساس امنه وازدهاره واستقلاله الحقيقي ومحاسبة كل من ارتهن لاجندة خارجية  واساء للشعب العراقي ايا كان وايا كانت صفته وفق القوانين الوطنية والمعايير الاساسية لمواثيق حقوق الانسان.
* الصورة المرفقة عن سوريا الان


[1]  نعوم تشومسكي / الهيمنة والبقاء/ ص81
[2]   المصدر السابق  الفصل الثالث ص84  .
[3] المصدر السابق  الفصل الثالث صفحة 78 .
[4]   تقرير للامم المتحدة / الانترنت/ تاريخ  30-6-2013  http://www.dananernews.com/News_Details.php?ID=3505
[5]   نعوم تشومسكي / الهيمنة والبقاء/ ص65
[6]  تقرير صحفي/ روسيا اليوم /24-1-2014 /http://arabic.rt.com/news/643589/
[7]  المصدر السابق الفصل الخامس  ص145-146 .
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق