الأربعاء، 13 مارس 2013

قوائم التيار الديموقرطي سفن نجاة العراق


هل ستتغير اللوحة السياسية للبلد بعد اعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات المزمع اجراءها في العشرين من نيسان القادم؟ وما هي حظوظ قوى التيار الديموقراطي للتأثير في هذا التغيير؟ وهل تملك قوى التيار الديموقراطي الآليات التي تجعل الناخب ان يدلي بصوته لصالحها؟ اسئلة ارى من الضروري ان تكون لها اجابات واضحة وسليمة كي لا نصاب نحن معشر الديموقراطيين ودعاة الدولة المدنية بخيبة امل اعمق واشد بكثير من خيبة امل نتائج انتخابات 2010 البرلمانية، خصوصا واننا نعرف جيدا ان نتائج هذه الانتخابات ستوضح لنا شكل البرلمان القادم والحكومة التي ستبثق عنه.

 

قبل الاجابة على الاسئلة التي طرحناها علينا ان نؤمن بان وعي الناخب هو الفيصل الاساسي في تغيير شكل اللوحة السياسية في اية انتخابات "وفي اي بلد بالعالم"، هذا الناخب الذي يدفعه وعيه بما يدور بالبلد من احداث لانتخاب الافضل والاكفأ ليمثله سواء في الانتخابات البرلمانية او في مجالس المحافظات. والوعي هذا يدفعنا هنا الى سؤال آخر وهو اي وعي نعني، هل هو الوعي الايجابي لدى الناخب الذي يذهب الى صندوق الانتخاب وامامه تجربة قوى مارست الحكم لعشر سنوات ولم تمنحه لليوم الحياة الكريمة التي كان يحلم بها ساعة انهيار النظام الدكتاتوري السابق؟ ام الوعي السلبي للناخب الذي يذهب الى صندوق الانتخابات وهو محمّل بحالة مرضية اسمها المظلومية كي ينفضها عن نفسه بفعل احزاب طائفية ليحملها الى جهة اخرى والتي تشعر هي الاخرى اليوم بثقل المظلومية ولنستمر بنفس الدوامة؟ ان سياسة المحاصصة الطائفية القومية والشد الحاصل بين اطرافها قلصت من مساحة الوعي الايجابي مقابل ازدياد مساحة الوعي السلبي، ليس فقط بين اوساط الاميين وانصاف المتعلمين وهم الاغلبية بل حتى بين الكثير من "المثقفين" الذي تركوا سفنهم الى سفن الطائفية والقومية مراهنين عليها لبناء الدولة المدنية وسيادة القانون!!

 

ان فشل القوى المهيمنة على السلطة اليوم في كافة المجالات دون استثناء دفعها ولحسم نتائج الانتخابات مبكرا الى التصعيد السياسي فيما بينها، هذا التصعيد الذي ينذر اليوم بانفجار حرب اهلية طائفية قد تمزق البلد اذا لم يعمل العقلاء من داخل احزاب السلطة نفسها والمسؤولة تاريخيا واخلاقيا عن الكارثة بلجم صقور التصعيد من رفاقهم. ان الوضع السياسي المعقد اليوم والذي لا يحمل تباشير مطمئنة لبلدنا وشعبنا يجعلنا مجبرين ان نضع التشاؤم والتفاؤل في كفتي ميزان ولنفسر بقراءة منطقية وبعيدا عن الامنيات كفتي الميزان هذا واين ستميل "ان لم تكن قد مالت" هل للتشاؤم من امكانية التيار الديموقراطي بحلته الجديدة القديمة في كسب موطيء قدم له في الانتخابات القادمة، ام للتفاؤل وهو يحمل مشروعه الوطني ليس لتلبية حاجات الناس اليومية فقط والتي هي جوهر شعاراته بل لانقاذ البلد الذي اوصله المتحاصصون الى فوهة البركان.

 

هل ستتغير اللوحة السياسية؟

 

كمتابع للوضع السياسي وما افرزته من احداث خلال الفترة القريبة الماضية ناهيك عن السنوات العشر المنصرمة، اعتقد ان شكل اللوحة السياسية سيبقى على ما هو عليه - مع تغيير طفيف - ليس لنجاح القوى المهيمنة على السلطة اليوم في تنفيذ برامجها الانتخابية التي رفعتها قبل كل انتخابات!! علما انها لم تملك برامجا سياسية، وان ملكتها فانها فشلت في تنفيذها فشلا ذريعا، وليس لقصور في قانون الانتخابات او سوء اداء المفوضية العليا "المستقلة" للانتخابات، وليس لتردد القضاء في تنفيذ قرارات اتخذها بنفسه تحت ضغط قوى سلطوية، وليس لدور مافيا المال والسلطة في شراء ذمم الناس واستغلالها لمرافق الدولة واعلامها فقط ، بل لسبيين مهمين جدا يضافان الى الاسباب التي ذكرناها وهما زيادة الشحن الطائفي والعمل بخطة مدروسة على تصعيده من قبل الاحزاب المهيمنة حتى ساعة الانتخابات، والسبب الثاني هو عزوف الكثير من الناخبين عن التوجه الى صناديق الانتخاب نتيجة حالة اليأس والاحباط من تغيير الواقع بعد تجربة السنوات العشر الماضية. مما يمنح القوى الطائفية مجالا واسعا ورحبا ليس لكسب الانتخابات - ستكسبها - بل لانحسار الفرص امام التيار الديموقراطي، لان الجماهير التي عزفت عن التصويت في الانتخابات السابقة وغالبيتها محسوبة على قوى التيار قد "مارست" حقها بشكل سلبي بعدم اشتراكها في الانتخابات وبالتالي حرمان القوى الديموقراطية من مقاعد اكيدة كانت ستحصل عليها رغم سوء القانون الانتخابي حينها.

 

ان حظوظ التيار الديموقراطي ليست كبيرة في هذه الانتخابات ولكنها في الوقت نفسه ليست معدومة، ان استطاعت ان تقنع الجماهير الصامتة ودفعتها للادلاء باصواتها في العشرين من نيسان القادم. فللتيار الديموقراطي جذور عميقة في العراق رغم الانتكاسات الكبيرة التي واجهته ورغم طغيان المد الديني، وما محاولة السلطة مثلا في منع العمل السياسي بين الطلبة في الجامعات الا دليلا على خوف السلطة من زيادة الوعي الديموقراطي بين صفوف الطلبة والذي يؤدي بالضرورة الى زيادة الوعي الوطني وانحسار مساحة الطائفية. ان الضعف في الجانب الاعلامي لقوى التيار الديموقراطي يجب تعويضه ميدانيا، فمرشحو قوائم التيار عليهم التواجد اليومي ومخاطبة الجماهير في اماكن تجمعهم في الاسواق والساحات والشوارع ليس ببرامج التيار واهدافه فقط وهو امر بالغ الاهمية، ولكن بالاشارة المباشرة الى المشاكل الحياتية التي تواجه الناس وفشل احزاب السلطة في تلبيتها، وهذا لا يحتاج بنظري لاستفحال الامية الى صحف ومنشورات بل الى الحديث المباشر الى الناس بلغتهم اضافة الى عرض افلام وتوزيع صور تذكرهم دوما بعدم توفر الخدمات وتحميل السلطة باحزابها سبب عدم توفرها. ان توزيع صور غرق العاصمة مؤخرا مثلا له تأثير اكبر من منشور او مقال في جريدة، وكذلك صور المدارس الطينية مثلا او تلك الآيلة للسقوط وغيرها. كما وعلى مرشحي التيار ان امكن دعوة منافسيهم من احزاب السلطة الى مناظرات تلفزيونية ومناقشتهم امام الجماهير عن برامجهم وعما حققوه خلال السنوات الاربع الماضية لناخبيهم.

 

ان الشخصيات الوطنية والديموقراطية النزيهة المنضوية بقوائم التيار الديموقراطي هم اشبه اليوم بربابنة سفن تريد ان تصل بالعراق الى بر الامان، واصواتكم هي الاشرعة التي بهديها تسير سفن العراق لتخرج من بحر الدم الطائفي.

 

ايها الناخب، صوتك غال فلا تبيعه بدم اطفالك.

 

زكي رضا

الدنمارك

7/3/2013

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق