الجمعة، 22 فبراير 2013

أيها المفكرون العراقيون اطلبوا اللجوء وعوائلكم الى الغرب!!


زكي رضا

 

طالما اصاب البعض رؤوسنا بالصداع وهو يروّج لديموقراطية الحكومة العراقية المتمثلة بالاسلام السياسي صنيعة حكومة ولاية الفقيه الايرانية بمشاركة طائفيي الطرف الاخر المتمثل بتوجيهات البترو دولار السعودي القطري، طالبين منّا التريث "بعد عشر سنوات" في الحكم على طبيعة السلطة الاستبدادية وطائفيتها ونهجها المدمر للوطن، ومنحها الوقت الكافي لتجاوز الاوضاع الاستثنائية والتي لم تتغير استثنائياتها منذ ان بدأت العملية السياسية لليوم. دون ان يستطيعوا ان يحددوا لنا الفترة الزمنية لهذا الوقت، او تحديد بدء العملية الديموقراطية كي تخطو خطوتها الاولى وان بطريقة سلحفاتية، اذ من غير المعقول ان تبقى اية عملية سياسية تراوح مكانها لمدة تقارب العشر سنوات كما في العراق اليوم، علما اننا نتمنى ان تكون هذه العملية "الديموقراطية" لازالت تراوح مكانها، لا كما هي عليه اليوم حيث نذر الدكتاديموقراطية تطل برأسها في كل مفصل من مفاصلها المصابة بالتكلس.

 

ان دور المثقف عادة ما يكون تنويريا ليساهم في ايجاد وترسيخ فضاءات تسمح لشعبه بممارسة حريته وفق اسس ديموقراطية، اقول تنويريا كي يكون هناك تمايزا بينه وبين المثقف الذي يشعر في منعطف تاريخي معين بالتعب والارهاق ما يجعله ان يراهن على قوى هي ابعد ما تكون عن التنوير والحداثة. لا بل تعمل جاهدة وبشكل علني على اشاعة ثقافة التخلف والجهل لتتخذهما رأس حربة في ضرب نفس المثقف بالصميم من معتقداته التي يخزنها في عقله الباطن بعد ان قرر بشكل طوعي التنازل عنها.

 

لقد جاءت عملية اعتقال المفكر ورجل الدين السيد احمد القبّانجي في مدينة قم الايرانية دون اي ردة فعل من حكومة بغداد للان، لتعبر بشكل واضح عن تواطيء هذه الحكومة مع سلطات دولة اجنبية لاعتقال احد مواطنيها الذي لا يتفق معها فكريا. واذا كانت الطبيعة الطائفية لمثل هذه السلطة او الجسم الاقوى فيها تحديدا يشعر بالرضا لعملية الاعتقال هذه ان لم يكن مساهما فيها، فان ردة فعل بعض "المثقفين" الموالين لمثل هذه السلطة جاء خجولا رغما عن عبارات الثناء والمديح التي كيلت للقبّانجي منهم والتي يستحقها القبّانجي فعلا. وبدلا من ان يطالب هذا البعض باطلاق سراحه وعودته الى العراق ليستمر في نشاطه التنويري الذي نحن بأمس الحاجة اليه، نراه يعمل ولغاية في نفس يعقوب على حرمان شعبنا من امثاله، بمطالبته السلطات الايرانية اطلاق سراحه و فسح المجال امامه لطلب اللجوء السياسي وعائلته الى الغرب لممارسة حريته في التعبير عن رأيه!!

 

وهنا تحديدا وبعيدا عن الاطالة فان "المثقف"هذا ونتيجة لعدم تحميله السلطات العراقية ولو جزءا يسيراً من المسؤولية التي تقع على عاتقها في العمل على اطلاق سراح السيد القبانجي، يكون قد اعطانا المبرر لاتهامه بأمرين اثنين. اولهما عقم كل محاولاته السابقة والتي ستأتي لاحقا بلا شك في دفاعه عن سلطة لا تحترم مواطنيها، وانعدام حرية التفكير والرأي والمعتقد التي تدّعي السلطات العراقية الالتزام بها وفقا للدستور الذي كتبته بنفسها ثانيا.

 

ان حرمان اي مفكر او اي مثقف في حقول الثقافة المختلفة من التعبير عن آرائه في ظل حماية دستورية، يسحب البساط من هذه الحكومة كونها ديموقراطية، وان دفاع اي "مثقف"عن مثل هذه الحكومة او جزء منها وبالاحرى فرد منها بشكل مستميت يفقد هذا المثقف حجته في  الدفاع عن المثقفين ومعاناتهم. لان القوى الدينية وعن لسان هذا البعض لا تحترم حرية التعبير والتفكير وحقوق الانسان، والقوى الدينية حسب فهمنا البسيط لممارساتها فانها لا تختلف عن بعضها البعض اينما كانت الا بتطور اساليبها في تغييب العقل وتجلياته لصالح التخلف كأكسير حياة لها.

 

ايها المثقفون العراقيون، ايها المفكرون، يا دعاة الحرية، اتركوا العراق لاجئين الى الغرب وعوائلكم كي تمارسوا حرية التفكير. وهذا بالضبط ما يريده البعض البائس منكم لحماية سلطة دينية اكثر بؤسا منه.

 

اذا لم تستحي فاكتب ما شئت.

 

 

الدنمارك

19/2/2013

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق