الجمعة، 12 أكتوبر 2012

وجهاً من الازمة العراقية


ان ما حصل في العراق قبل  حرب 2003 واثناء الحرب وبعدها  من اسقاط للنظام، من  قتل وتدمير وقمع وسرقات  وتغييب للعقل والانسان، والذي وصل حد التجهيل اليومي، يفرض على القوى التي قامت به وساعدت عليه، ان تجد وسائل كثيرة، كي لا يصل الشعب يوما الى حقيقة ما حصل،  او معرفة  ذلك وادراك نتائجه، خوفا من هزةٍ شعبيةٍ ، قد تفرض المطالبة بمحاسبة الجميع ، والتي ربما لم تكن نتائجها "حميدة" على تلك القوى التي عاثت ولازالت ...فسادا.

 ان جزء من "علاج" هذا الامر اي تجنب حالة الثورة الشعبية او الوعي الشعبي لعمق الجريمة التي ارتكبت بحق العراق كدولة وتاريخ وشعب، والتي لا تقل خطورة عما ارتكبه النظام ومن دعمه قبل ذلك، هو ابقاء دوامة العنف مستمرة بالاضافة الى دوامة الازمات السياسية، ناهيك عن ادخال الشعب وعلى ارضية العنف الى حالة من الصراعات الدينية  وتثوير الفتاوي والدعاوي بهذا الاتجاه او ذاك ، متأملين ان تؤدي  النتائج من تلك الوسائل الى حالة كبيرة من الاحباط  وفقدان الامل في صفوف من يتصدر حركات التغيير وبالتالي الاثر سيكون ابلغ واعمق على مستوى المواطن العادي، وهذا هو المطلوب، حيث سيقوم غالبية الناس والفقيرة منها بترديد عبارة " عمي انريد انعيش "...  " خليهم شيريدون يسوون.... يسوون"" اني شعليه"  تمام كما تمكنوا من قبل من دفع الناس لترديد عبارة " لياتي شارون ويخلصنا من صدام" او نوافق حتى اذا اتى شارون واسقط صدام" هذه الشعارات التي ادخلوها الى عقول البشر من خلال عملية العصر الاقتصادي  وربط الاحزمة على البطون من جانب و اطلاق يد النظام بالحروب والقمع والتنكيل، من جانب اخر واكتمل المشهد  "بمخبرت" الاحزاب التي كانت ترفع شعار معارضة النظام، "اي ربط الكثير منها باجهزة مخابرات دولية"، من خلال كل هذا تمكنوا، من  زرع  حالة القنوط والياس بروح الانسان العراقي، ولا زالو .

ان غوص " ما يسمى بالقوى السياسية " في العراق في وحل مصالحها الذاتية وخدمة مصالح الدول الاخرى،  متمثل في الفساد  والقتل والقمع والتفجيرات ، اي حالة الا استقرار" ، يدفع بتلك القوى للعمل على فرض هيمنها السياسية بكل الاشكال، بما فيها لوي عنق الدين  وتلبس البعض دور الله !! والتبرج بعبائته  من اجل خدمة تلك المصالح ، وبقائهم  كشركة حراسة لمصالح من عينهم ، وكي لا يجري الاطاحة بهم ، وكي لا يصيبهم الامر المحتوم،  الا وهو العقاب على الطريقة العراقية !! وهم يدركون تلك الطريقة جيدا.

اضع  " ما يسمى بالقوى السياسية" بين قوسين لان السنوات الماضية، اي منذ ظهور الازمة في العراق، منذ نهاية السبعينات تقريبا وحتى يومنا هذا  تشير  الى خلو العراق من القوى السياسية بالمفهوم العلمي للكلمة، والسبب ببساطة ان القوى السياسية يجب ان تكون مكونه او قائمة على اساس وعي  سياسي مدني  وليس مليشياوي مسلح او  عشائري او ديني، او تابعة لخارج الحدود وتدار من هناك!! لديها برامج سياسية وطنية ورؤى مستقبلية، وتمتلك بعض المصداقية تجاه ما تطرحه من شعارات ، ولا اريد القول مصداقية كاملة!!، ناهيك عن الامر المهم جدا هي معرفة العمل في السياسة والتحالفات، ووعي الجميع بوجود الخط الاحمر الا وهو الامن الوطني او القومي للبلد والذي لا يمكن لاحد تجاوزه او اللعب عليه ايا كانت الاسباب.

وهناك حقيقة اخرى، وعلى خلفية الامراض الاجتماعية والسياسية التي تعيش في مجتمعنا العراقي ، لا يمكن ان تعطى، اي  قوة سياسية شهادة تثبت خلوها من الامراض.  اذا كان الفساد على المستوى الشعبي ، فكيف  سيكون الصوت الانتخابي نزيه مثلا!! او من جرى انتخابه نزيها!!  الم يخلق هذا على سبيل المثال لا الحصر قضية التوظيف مقابل 100 او 2000 دولار مقابل التوظيف  " اي الدفع نقدا للحصول على وظيفة " مطبقين اغلب ما نصت عليه الاية 12 من سورة المجادلة "  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "، خصوصا بعدما فوضوا انفسهم بمسؤوليتهم على الشعب!!، في الامس كانت مسؤولية الفرد مصادرة بقوة الحزب القائد والاب القائد واليوم صودرت باسم الرب والدين ورسوله!! ، بالاضافة الى شراء المواقع العسكرية والتي يقرها البرلمان، وربما حتى مواقع  اخرى في الدولة ، اقول ربما لان هناك شخصيات كانت بالامس مع النظام ومقربة من الاب القائد!! ولكنها تتمتع بمواقع حساسة اليوم؟؟؟ وهناك شخصيات لا تفقه بعلم الفصم!! شيئا وهي اليوم بمواقع ايضا مسؤولة في الدولة ومهمة لقربها من الاميركان او هذه او تلك من دول التحالف!!!! او الجوار او ما شابه. لهذا فان " القوى السياسية " مفهوم اجوف في العراق وخصوصا حين تغادر تلك الاحزاب العقل الجماعي لجمهورها و ترتبط بشيخ دين يفتي لها!! او جهة مخابراتية لدولة قريبة او بعيدة!! او تعتمد العشيرة اساس لها!! وتبقى بعض القوى ذات النفوذ الضعيف  والتي لا يمكنها ان توصل قناعاتها وافكارها للجميع  ولا تاثيرها بسبب من التغييب والجهل في المجتمع، والذي تدفع غالبيته دفعا للحرب على خلافات مضى عليها قرون، حيث تحتاج هذه القوى لوقت طويل كي يؤثر، اذا احسنت الحفاظ على نفسها والحفاظ باختيار من ينشطون فيها.

اعتقد ان ادراك حالتنا واسبابها يعد امر اساسي لوضع طرق واساليب عمل جديده تتناسب مع واقعنا، كما تقلل ان لم نقل تبعد عن حالة التطير والجزع التي تصيبنا في بعض الاحيان. ان ماعليه مجتمعنا اليوم لا يمكن الغائه بفتوى او مقال وانما الفتوى والمقال وغيرهما ان وظفتا جديا قد تساهم بالاتجاه الافضل لتطوير الوعي ، نحو مجتمع افضل متطور وهذا لا يتم اساسا الا بتطوير التعليم وتوسيع رقعة الحرية وكف ايدي الظلام والمشايخ التي تحكم زورا باسم الاسلام، عن تهديد العباد.

28-9-2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق