الأحد، 7 أبريل 2013

برنامج أكو فد واحد!

      عماد رسن

 أكو فد واحد...مصطلح يستخدمه العراقيون غالبا ً عندما يريدون أن يطلقون نكتة أو مزحة ما في أشاره لشخص مجهول, في نفس الوقت, يستخدم هذا المصطلح كعنوان لبرنامج يبث من على أحدى القنوات الفضائية العراقية ويحضى بعدد كبير من المشاهدين. هدف البرنامج هو لمتعة المشاهد بجعله يضحك على نكات ومزح ومواقف يلقيها مجموعة من الضيوف يتغيرون بين الحين والآخر. لست من المتابعين الدائمين لهذا البرنامج ولكني شاهدت حلقات عديدة منه, لاأخفي عليكم, لقد ضحكت كثيرا ً على كثير من النكات والمواقف الساخرة التي أطلقها بعض الضيوف, ولكن, هذا لايعني بان ليس هناك ملاحظات على البرنامج إبتداءً من شكله وفي المادة التي يطرحها, وليس إنتهاءً بصلاحية تلك المادة ونوعها وملائمتها للفضاء العام الذي يحتوي على ماهو متعارف عليه بين الناس وماهو صح وماهو خطأ عندما يتبادلون الأفكار والآراء لصياغة المعايير في السلوك والتصرف, فوسائل الإعلام هي أحدى أدوات الضبط لهذا الفضاء لذلك يكون مراقبا ً في دول الإستبداد من أجل السيطرة على ميقال فيه.

 

فالمادة التي يطرحها البرنامج هي النكتة والمزحة وهدفها إضحاك المشاهد لتحقيق المتعة. يقول عالم الإجتماع والأنثربولوجيا الأمريكي أيرفان غوفمان في تحليله لسلوك الناس في حياتهم اليومية الاجتماعية بأننا نعيش في مسرح كبير وما نحن إلا عبارة عن ممثلين في هذا المسرح الكبير وهناك دائما ً مانخفيه وما نضمره في سلوكنا اليومي. فعندما نمارس حياتنا اليومية فنحن في الحقيقة نصعد على خشبة المسرح لأنأخذ الدور المرسوم لنا وهناك المشاهدون وهم في الحقيقة ممثلين أخرين يمارسون أدوارهم الإعتيادية. وعندما ينتهي الدور لكل منا نذهب إلى الكواليس لنتهيئ للدور القادم وهكذا. مثلا ً على ذلك نادل المطعم الذي يبدو غاضبا ً في الكواليس وربما يكسر الصحون من عصبيته عندما يتأخر الطعام  ولكن عندما يخطو إلى الصالة حاملا ً الطعام للزبائن يبدو مبتسما ً وفي غاية الوداعة وربما يلاطف الأطفال الجالسين على طاولة الطعام. إذن, يوجد هناك عالمين مختلفين نضمر أحدهما ونظهر الآخر بما يتلائم مع ماهو متعارف لنأدي الدور المناط بنا حيث نلبس أقنعة في ممارسة حياتنا اليومية. أن أي إختلاف أو عدم تناغم أو التداخل بين هذين العالمين يظهر أن هناك خطأ ما فيبدو الأمر مأساويا ً تارة ً أو مفارقة تارة ً أخرى لتولد حينها النكتة. فالنكتة ترصد الفوارق ببين العالمين وتدونها على إنها مفارقات مضحكة لأن الدور لم يكن يؤدى كما يتوقع له. ليس هذا فحسب, فالنكتة تكشف على المسرح مايدور في الكواليس لتظهر ماهو مخفي كوسيلة لكشف العيوب لأجل السخرية, أو العكس, إذ تعيد أنتاج مايدور على المسرح من فعل ولكن هذه المرة في الكواليس لتسخر من اقنعة الناس ومن الأدوار البائسة التي يقومون بها. لهذا السبب نرى أن النكتة من غير أداء جيد لايمكن أن تؤدي وظيفتها وتصبح مجرد حكاية أو قصة أو أحجية فارغة, فالدور الرأيسي للنكتة هو ليس معنى مايقال بل هو الأداء بإعادة أنتاج الأدوار المراد السخرية منها من قبل الملقي أو المؤدي بشكل آخر من أجل كشف الملابسات التي تحدث في أداء تلك الأدوار.

 

إلى الآن لايبدو لدور النكتة إلا كشف الفوارق بين ماهو مخفي وماهو ظاهر في حياة الناس الاجتماعية الإعتيادية في تفاعلهم اليومي, ولكن, للنكتة وظائف أخرى كالسخرية من الواقع ونقده بطريقة لاذعة من خلال التهكم عليه. فهنا أصبحت وظيفة النكتة معيارية وليست وصفية فقط حين تعيد إنتاج الواقع والفوارق بين العالمين الآنفي الذكر بطريقة ما من أجل تغييره. ومثل على ذلك النكتة السياسية التي سببت وتسبب أرق للسلطات الحاكمة, ويكفي لذلك ذكر أن نكتة واحدة كفيلة لترسل ملقيها لحبل المشنقة في زمن النظام السابق في العراق, وأيضا ً مايفعله باسم يوسف هذه الأيام في نقد الرئيس مرسي في برنامجه البرنامج الذي أثر على الأوساط الثقافية والشعبية والسياسية, ليس في مصر وحدها بل في دول كثيرة. فالنكتة أصبحت مظاهرة بحد ذاتها من أجل تغيير الواقع وليس للضحك والتهكم فقط.  

 

أعود لبرنامج أكو فد واحد. نعم, يمكن أن تتحقق المتعة المصبو إليها في هذا البرنامج في لحظة معينة لكنها تأتي على حساب أشياء كثيرة, كالسخرية من الآخرين في العرق واللون والطبقة والمنطقة من غير الأخذ بنظر الإعتبار مشاعر فئة معينة من الناس. ففي أحيان كثيرة يتندر بعض الضيوف على قومية معينة أو طبقة أو منطقة معينة من أجل السخرية لتحقيق المتعة. فلايمكن للنكتة أن تؤدي دورها مالم يتم وضعها في سياقها الطبيعي وهنا يفقد الملقي التحكم بمشاعره فيما يقال وما لايقال. ولم يتعد البرنامج الحالة الوصفية التي ذكرتها سابقا ً إذ لايمت لأي شكل من أشكال النقد للواقع من أجل تغييره, وللأمانة لم يكن هدف البرنامج أصلا ً تغيير الواقع إذ هو للمتعة فقط, ولكن, ليس من أجل المتعة نقوم  بإختزال النكتة في أطر ضيقة هدفها الضحك فقط. فالشعب العراقي معروف بمداولته النكته للسخرية من الواقع وقد عرفها في الألف الثاني قبل الميلاد عندما كان السومريون يسخرون ممن يخرج الريح ويتناولنه بالسخرية. فالنكتة كانت إحدى أسلحة الشعب العراقي في مواجهته للظلم ومازال يستخدمها يوميا ً من أجل تغيير واقعه المرير. أما تقديم النكات بهذا الشكل للضحك فقط وبإختيار ضيوف من طبقة ومناطق محددة وجمهور يصفق خلف الضيوف, بعد كل فاصل بأغان شعبيه من لون واحد, حيث يسطع عليهم لون الاستوديو الأزرق وكأنهم أشباح يتطايرون مع كل نغمة للرقص فهذا شكل بائس فعلا ً.

 

هذا كان مايتعلق بشكل البرنامج, أما ملائمة مادته مع مايقدم في الفضاء العام فتلك كارثة كبيرة. نعم, نؤمن بالحرية في التعبير التي هي رديف للديمقراطية, ولكن بعض الديمقراطية تؤدي للفوضى على حد قول والدي رحمه الله. إذ يتندر علينا الضيوف بنكات فيها من السب والشتم, وفيها من السخرية من جنس أو نوع أو قومية أو منطقة بما لايتلائم أن يطرح على وسائل الإعلام. فلوسائل الإعلام وظيفة معينة أخلاقية في جوهرها إذ لاتنسجم مع تقليل شأن بعض الناس كالسخرية من المنغولي او الأعمى. نعم, يمكن لذلك أن يحدث بصورة طبيعية في الشارع ولكن أن يظهر على شاشة التلفزيون فهذا يعطيه شرعية معينة ويمرر الكثير من القيم الخاطئة على إنها صحيحة ومتعارف عليها ويمكن تداولها بين الناس.

 

لست ضد برنامج أكو فد واحد, ولكن على القائمين على هذا البرنامج أن يعيدوا النظر فيه وفي محتواه وشكله وربما حتى هدفه بأن يكون مادة دسمة لتغير الواقع من خلال إعادة إنتاجه بالسخرية منه والتهكم على أبطاله المفترضين, إذ تصبح وظيفة البرنامج هي نقد الواقع وليس للمتعة فقط. على القائمين على البرنامج مشاركة أكبر عدد من فئات عمرية مختلفة ومن ضيوف من مناطق ولهجات مختلفة كي لايحسب البرنامج على فئة معينة من الناس, وأخيرا ً وليس آخرا ً, عليهم إعادة النظر بمكان الجمهور بوضعهم أمام الضيوف وليس خلفهم, أي عدم تجاهلهم!

 

عماد رسن
https://www.facebook.com/imad.rasan

صفقة تبرئة مشعان الجبوري أكتملت ...؟!


   شه مال عادل سليم



 مشعان الجبوري , المحكوم غيابيا بـ (15 )عاما مع أسقاط الحصانة عنه بتهم الأختلاس والإرهاب وشموله بمادة (4 أرهاب)(1 ) أصبح طليقا بأمر من رئيس الحكومة العراقية (نوري المالكي) ....حيث كانت هناك تهمتان موجه اليه  :
1 ـ  انطباق المادة (4 ارهاب) باعتباره كان من اشد المحرضين و المروجين للارهاب والقتل والتدمير و كان يشجع وعبر قناة الرأي الفضائية على اشاعة اساليب التدريب والتعليم على صنع( العبوات الناسفة و المتفجرات والكواتم والسيارات المفخخة) لقتل الابرياء في العراق , وبث خطابات ارهابية شوفينية عنصرية ,بالاضافة الى اجتماعاته المتكررة مع الملثمين والارهابيين القتلة تحت اسم ( المقاومة الشريفة ) .

2 ـ  صدور امر القاء القبض بحقه على خلفية فساد مالي كبير تجاوز الـ (200 )مليار دينار للفساد الحاصل في العقود الوهمية في تغذية الجيش العراقي و حماية انابيب النفط و التي كانت تفجر بين الفينة والأخرى ,و قد تم تعميم حكم القاء القبض عليه على الشرطة الدولية ( الانتربول ).


المادة السابعة من الدستور العراقي :

تنص المادة السابعة من  الدستور العراقي على :

 اولاً :ـ يحظر كل كيانٍ او نهجٍ يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير أو التطهير الطائفي، او يحرض أو يمهد أو يمجد او يروج أو يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه، وتحت أي مسمىً كان، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون.
ثانياً : ـ تلتزم الدولة بمحاربة الارهاب بجميع اشكاله، وتعمل على حماية اراضيها من ان تكون مقراً أو ممراً أو ساحةً لنشاطه.

و هنا نسأل : أين القضاء واين الإدعاء العام العراقي من خروقات وتعطيل الدستور ؟  كيف يتمكن المالكي من تبرءة مشعان الجبوري واخرين امثاله الذي يحظر الدستور العراقي من نشاطهم  التخريبي لكونهم تبنوا  نهج العنصرية والارهاب بتمام معنى الكلمة ...؟  كيف تمكن قاضي التحقيق (المستقل والنزيه )ان يبرء الجبوري من هذه الاتهامات الخطرة التي ترتبط (بدماء و اموال الشعب العراقي المظلوم )  ؟.

صفقة تبرئة مشعان اكتملت ...ولكن ؟! :

نعم .....ان تبرئة اكبر الارهابيين والمجرمين و ابرز المدافعين عن صدام المقبورمن كل التهم الموجه اليه بين ليلة وضحاها لا يأتي ولن يأتي من فراغ وانما جاء حسب( اتفاق تبرئة المجرم ) مقابل دعم الشيوخ العربية من السنة في مناطق الموصل وتكريت والانبار لمساندة ومساعدة سلطة المالكي لبسط سيطرته على عموم العراق في المرحلة الاولى باستثناء اقليم كوردستان,  وكلنا نعرف الجبور من اكبر العشائر العربية السنية  ......!

ولكن السيد المالكي  نسى او تناسى بان مشعان الجبوري  ليس عنصر توازن المعادلة العراقية  ...بل العكس هو الصحيح  تمامأ  .....!!

والاكثر من هذا لا استبعد اطلاقأ ان نرى  وبعد فترة مشعان يقود (ملثمين من ايتام سيده الشهيد ) ويشكل قيادة عمليات ( الفتنة ) لعرض العضلات خصوصأ في المناطق المستقطعة من اقليم كردستان والتي سميت زورأ وبهتانأ بالمناطق ( المتنازع عليها ) لتصعيد الخلافات بين الإقليم والمركز وزرع الفتنة وتاجيج الصراعات الطائفية والقومية المقيتة , وبحجة حماية حقوق الشعب العراقي وحرياته وصيانة كرامته......؟!

اخيرأ ..... ادعوا الجميع لمشاهدة الرابط المرفق ,والذي يكشف حقيقة المهرج البعثي والارهابي مشعان الجبوري, وعلى الهواء مباشرة , ونترك لكم التعليق... !!


 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـتحتوي المادةُ الرابعة على بندين أطلقَ عليهما (العقوبات) : البند الأول  : يُعاقبُ بالإعدامِ كل من ارتكبَ بصفتِهِ فاعلاً أصلياً أو شريكاً في الأعمالِ الارهابية، ويُعاقبُ المحرضُ والمخطط والممولُ وكلُ من مكن الإرهابيينَ من القيامِ بالجريمةِ كفاعلٍ أصلي .

البند الثاني :  يعقابِ بالسجنِ المؤبدِ كلِ من أخفى عن عمد أي عملٍ إجرامي أو تستَّرَ على شخص إرهابي  .

 

دعوة حمّال

 بشرى الهلالي
 
وهو يسقط أرضا، زحفت الاصوات بعيدا عنه واختلطت في ضجيج سافر أبعد من مدى سمعه، بينما لمحت عيناه سماءً تخللت زرقتها الصافية خيوط شمس راحت تتلاشى امام هجوم سواد البارود. فكر في انه لم يرنو الى السماء ولم يستشعر دفء الشمس ولا نورها منذ زمن طويل برغم أنه يذرع هذا الشارع يوميا، فقد اعتادت عيناه النظر الى الأرض تحت ثقل الاحمال التي ينوء بها ظهره. تلمست يده الجرح فغمرتها حرارة الدم وشعر ببعض الراحة، أخيرا.. وجدت مثانته الفرصة لتتخلص من حملها حين اختلط البول بالدم.. فمنذ الصباح الباكر وهو يحبس حريتها حتى تورمت غضبا فثارت عليه في لحظة انفجار. في الليلة الاخيرة التي قضاها في المستشفى قبل ان يغادر حياة الشقاء، نطق كلماته الاخيرة أمام ولده: الحمد لله الذي جعلني اذهب فداءً للملك ونائبه ووزراءه بل وحتى معارضيه (بيّ ولا بيهم). رحل الحمّال الفقير الى الدار الآخرة، وصارت جملته حديث الناس، فسمع بذلك الملك وحاشيته بل وحتى معارضه، فقرروا تكريمه في مثواه، واستدعيت زوجته التي اضطرت لطلب عباءة الجارة للمثول بين يدي الملك وهي تحلم بشراء عباءة جديدة بالهبات التي ستغدق عليها، رافقها ابنها صامتا، وكان ان انهالت الاموال على عائلة الفقيد الذي حمد الله ان الانفجار اصابه ولم يطال اي فرد من افراد الحكومة. وسارعت وسائل الاعلام لنشر الخبر، فكرم الحكومة ليس له حدود عندما يتعلق الامر بمن يفديها بحياته. وكان السؤال الاول الذي سال له لعاب الاعلاميين هو: لماذا؟ هل حقا أحب هذا الحمّال الفقير حكومته لهذا الحد حتى يحمد الله على تناثر أشلاء جسده بدلا عن افرادها، ام انه كان يطمع في تكريم عائلته من بعده وانتشالهم من الفقر؟

 وبالطبع.. لم يكن الحمّال واثقا من حصول عائلته على التكريم، اذن ما السبب؟ أجاب الابن الصامت بابتسامة ساخرة: كان أبي لا ينام ليلة دون أن يسب الحكومة ويلعن كل أيامها، فهو كان يشقى طيلة النهار ونشقى معه للحصول على خبز يومنا. بهت الاعلاميين من هذا الجواب غير المتوقع. إذن؟ أجاب الابن بسخرية أكبر: قبل موته في المستشفى العام أسر لي أبي بسر دعواه وقال: من غير العدل أن أتمنى للملك ووزراءه ومعارضته هذا المصير، فما فعلوه بنا أكبر من أن ينهي حياتهم انفجار ليموتوا ميتة سهلة، بل دعوت الله على ان يبقيهم محصنين ضمن أسوارهم ليشهدوا يوما أكثر سوادا كما حصل للعديد من قبلهم.

كان جواب الابن أشبه بصاعقة سقطت على رؤوس الاعلاميين، فكيف ستنقل كاميراتهم وكلماتهم هذا الجواب الذي لو عرفته الحكومة فقد تجعل ايامهم أكثر سوادا من حبر أقلامهم. وحاولوا الحصول على جواب يشفي غليلهم من الابن الذي كان يستمتع بنظرات الرعب في أعينهم، لكن لماذا؟ أجاب: انه الحقد.. ألم تفكروا يوما بالحقد الذي ينمو في قلب الفقراء وهم يجودون بكل ما يملكون (دماؤهم) بينما تبخل عليهم حكوماتهم وهي ترفل بخيراتهم حتى بحقهم في الحياة؟!

ساد الصمت على الحاضرين ولم يجدوا سؤالا ينقذهم من حيرتهم بينما تحررت دمعة من عين الابن لأول مرة وهو يشعر بزهو النصر...

 

ملاحظة: هذه فكرة قارئ صديق فقد ساقه في انفجار.. فلم يعد يملك الا الحقد!

 

 الناس/ كتابات/ مركز النور


 

"دولة القانون" حصلت على الاغلبية السياسية في مجالس المحافظات!!


هناك دلائل كثيرة توحي  بأن عنوان المقالة اعلاه سيكون من العناوين الرئيسية لمختلف الصحف المحلية وغيرها بعد اعلان النتائج النهائية لانتخابات مجالس المحافظات القادم والتي ستجري في العشرين من نيسان الجاري. لأن اعلان فوز الحزب الحاكم وتحالفه الانتخابي وبأغلبية مريحة هو الوحيد الذي يرضي شخصا متعطشا للسلطة كالمالكي، الذي فشل لليوم في معالجة جميع الملفات التي واجهته نتيجة العمل على تهميش حتى حلفائه في التحالف الشيعي الواسع من جهة وبقية القوى السياسية التي ساهمت في ايصاله للسلطة من جهة اخرى.

 

فلو راجعنا سنوات حكم السيد المالكي منذ توليه الحكم بدلا عن الجعفري ليومنا هذا فاننا نستطيع منحه اسوأ الدرجات في أدارته للازمات التي مرت ولازالت بالبلد، فما من ملف مهما كانت اهميته الا واثبت المالكي فشله في ادارته، بداية من ملفات الامن والارهاب والتسليح والطاقة والتعليم والصحة والزراعة والصناعة والبطالة والرعاية الاجتماعية والمتقاعدين وغيرها انتهاءا بملفات الفساد التي ستطال العديد من المقربين اليه حال ابتعاده عن رئاسة الوزراء. هذا على الصعيد الوطني اما على صعيد المحافظات ومنها تلك التي يديرها "دولة القانون" فان الوضع ليس افضل من سابقه ان لم يكن اسوأ. ولاننا نتناول هنا انتخابات مجالس المحافظات فاننا سنتجاوز عزلة العراق اقليميا وادخاله في دائرة الشكوك في تدخله بالحرب الاهلية الدائرة رحاها في سوريا نتيجة سماحه للطائرات والشاحنات الايرانية بنقل الاسلحة عبر الاجواء والاراضي العراقية الى سوريا، وهذا ما يؤكده رعاة العملية السياسية الامريكان رغم المحاولات المتكررة لحكومة بغداد بنفي الامر.

 

ومن خلال فشل الحكومة المركزية والحكومات المحلية في توفير احتياجات ناخبيهم والتذمر الكبير الذي يبديه الناس منهما وهو ما ترجمته استطلاعات الرأي العديدة التي اظهرت عزوف الناخبين في التوجه الى صناديق الاقتراع بنسب كبيرة وصلت في بعضها الى نسبة تقارب ال 75%، علينا ان نبحث عن نقاط قوة المالكي في كلمته اثناء اعلانه قائمة ائتلاف "دولة القانون" التي حسم من خلالها نتائج الانتخابات مسبقا عندما قال " ستحصل دولة القانون على الاغلبية السياسية في مجالس المحافظات حتى تتمكن من تمشية الامور الراكدة وتحقيق الخدمة والانجازات والاعمار"، وما هي الاسس والمعايير التي استند عليها رغم فشله المدوّي، في ان يكسب اصوات الناخبين.

 

سيدخل المالكي كحزب وقائمة الانتخابات وفي جعبته اسلحة معروفة تمتلكها كل السلطات الدكتاتورية في العالم "الديموقراطي" النامي او الثالث او الشرق اوسطي في حالة العراق، وهي، السلطة والمال والاعلام والسيطرة التامة على اجهزة الجيش والشرطة باعدادها الكبيرة التي ستصوت قبل موعد الانتخابات، وهي ملك صرف للمالكي وحزبه كما كانت ملكا صرفا لصدام وحزبه قبلها اضافة الى العشائر التي اشترى المالكي كما صدام ولائها بالمال منذ ان صرح امامها "ما ننطيها". ويبقى السلاح الاهم الذي في جعبة المالكي هو التزوير الذي سيكون على اوسع نطاق في هذه الانتخابات لاهميتها القصوى في تشكيل اللوحة السياسية القادمة والتي يريدها المالكي ذات لون حزبي واحد وهو اللون الدعوي او لون "دولة القانون"، واذا نجح المالكي في مسعاه - الكثير من الشواهد توحي بنجاحه – فان زيادة انتاج النفط وباسعار اليوم لاتعني الا اننا سنكون في بداية طريق لبناء دكتاتورية جديدة بلبوس ديموقراطي، واكبر دليل على ذلك هو حصول حزب الدعوة على 8 مقاعد تقريبا اثناء وجود في قائمة التحالف الشيعي "555" التي دخلت اول انتخابات تشريعية، وليحصدوا بعد ان اصبح المالكي رئيسا للوزراء خلفا للجعفري - نتيجة الخلاف بين الصدريين والبدريين حينها- في الانتخابات الاخيرة على 89 مقعدا!!

 

ان جاءت نتائج انتخابات مجالس المحافظات القادم مثلما تشتهيها سفن المالكي، فان العنف الدائر اليوم في العراق سيتجاوز من مناطق ذات طابع طائفي واحد "سنة" الى محافظات كانت لليوم في منأى عن هذا العنف "شيعة" وسيدفع الصدريون تحديدا ثمنا باهظا في هذا الصراع نتيجة صبيانيتهم في اتخاذ القرارات السياسية وسرعة الانقلاب عليها ان اتخذوها. ولكن المالكي بما يملكه من ادوات قمع وتأييد ايراني وغض طرف امريكي سيتمكن في النهاية من تطويع اطراف الازمة بعد ان يعمل كما فعل لليوم في شق صفوفهم وهذا ما نجح به مع القائمة العراقية اليوم. وفي حالة فشله في انهاء العنف فان خطة بايدن والتي يطمح تحديدا الى تطبيقها جاهزة وهذا ما اشار اليه يوما عندما قال، ان الحرب الاهلية او التقسيم هما احدى الحلول في حالة الاصرار على منع ترشيحه لولاية ثالثة.

 

زكي رضا

الدنمارك

1/4/2013

 

 

مساء الخير بغداد .... صباح الخير بغداد


 
صباح الخير بغداد، يا مدينة الموت الرابض في كنائسها ومساجدها وساحاتها وشوارعها واسواقها.

مساء الخير بغداد، يا مدينة الظَلَمَة نهارا والظُلمة ليلا .

صباح الخير بغداد، يا مدينة كهرمانة التي صب اللصوص على رأسها الزيت لتموت، بعد ان أشّرت على ابواب اللصوص الطائفيين والقوميين بطبشور اسود.

مساء الخير بغداد، يا مدينة العمائم المتخمة حتى الشبع، ومدينة الفقراء الذين لا يعرفون الا الجوع والمرض. 

صباح الخير بغداد، يا مدينة المنطقة الخضراء ( قدس سرها )، و مدينة المساحات السوداء والحزن اليومي.

مساء الخير بغداد، يا مدينة  الجدران العازلة والسيطرات المخترقة.

السلام عليك بغداد، يا مدينة بلا حكومة وحكومة بلا رجولة.

السلام عليك بغداد، يا مدينة العهر السلطوي والارهاب المنفلت الحاصد لارواح الابرياء.

السلام عليك بغداد، يا مدينة المزابل والمياه الآسنة.

السلام عليك بغداد، يا مدينة التصريحات الفارغة والرجولة الوهمية والخطاب الكاذب.

السلام عليك بغداد، وانت تدفعين ثمن عهر منصات العار "العز" - التي فتحت مضارب عشائرها لمجرمي تنظيم القاعدة - دما وجثثا وخراب.

السلام عليك يا بغداد وعلى الارواح التي تصعد من فنائك يوميا نحو السماء لتشكوا الى رب يعبده طائفيون سنة وشيعة كذبا ودجلا.

السلام على صباحك الآمن وهو يرتجف رعبا من السيارات التي تطايرت لتزرع الرعب والجثث في ارجائك ايتها العروس المغتصبة.

السلام عليك بغداد، يا من صادر السفلة براءة اطفالك

السلام عليك من هول الفاجعة.

 

ها هي التفجيرات الدامية تستهدف ابناء شعبنا الابرياء ثانية امام عجز "حكومة" كان عليها ان تعرف مسبقا - كما يعرف من له قليل من الفطنة - ان سقط المتاع من الارهابيين سيضربون عروس العراق بمقتل في الذكرى العاشرة لبدء العمليات البرية لاسقاط نظام العهر البعثي. ها هي تفجيرات اليوم تكشف لنا عن ضعف الحكومة المستديم في مواجهة الارهاب لعدم كفاءة اجهزتها الامنية بعد ان صرفت عليها المليارات من خزينة الدولة. ها هي التفجيرات تضع عشرات اسئلة الاستفهام امام "ساسة" و "رجال دين" و" زعماء عشائر" و"احزاب" و"ضمائر" ترى اعلام القاعدة القذرة وهتافاتها واهازيجها على منصّات عارهم وهي تهتف لقتل اخوتهم بالوطن وهم ساكتون، وبسكوتهم فقط وليس بشئ آخر اثبتوا من انهم شياطين. الا تخجلون من انفسكم وانتم تحتضنون أفاقي الارض بين ظهرانيكم ليعيثوا "بوطنكم وشعبكم" فسادا وقتلا وتدميرا، تعسا لكم وانتم تفقدون رجولتكم وشبح الموت يجوب بفعل من هم في حمايتكم شوارع العراق.

 

ان حدثا اقل بكثير من حدث اليوم ولمرة واحد في اي بلد بالعالم تحترم حكومته شعبها يدفعها الى الاستقالة، او على الاقل استقالة المسؤولين الامنيين فيها لانهم المسؤولين الرئيسيين عن حفظ امن وسلامة المواطن. واذا كان المالكي وهو المسؤول الاول عن الملف الامني لا تدور بخلده الاستقالة لانجازاته الباهرة التي حققها لابناء شعبنا منذ جلوسه على العرش لليوم!!! فهل سنرى استقالات جماعية لمسؤولين امنيين كبار وعلى رأسهم الوكيل الاقدم لوزراة الداخلية "عدنان الاسدي" الذي فشل فشلا ذريعا في بناء اجهزة امنية قادرة ان تعمل ولو بالحد الادنى، علما ان هذه الاستقالة تحتاج الى رجولة قبل الوطنية.

 

(ربّنا انا أطعنا سادتنا وكُبَرائنا فأضلّونا السّبيلا* ربّنا آتهم ضعفَين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا) "قرآن كريم"

 

 

زكي رضا

الدنمارك

19/3/2013

الاثنين، 18 مارس 2013

هل اصبح اليسار العربي والعالمي... يسار بن اليعازر

تشهد الساحة العربية والدولية انكفاءة لقوى اليسار منذ الحرب على العراق واحتلاله تحت ذرائع الاسلحة الكيمياوية والمحرمة دوليا والمهدد للامن القومي الامريكي والغربي بشكل عام والذي لم تعرف له حدود. قبيل الحرب كان الامر معاكسا من خلال حركة قوية ضد الحرب وغربانها في جميع بلدان العالم على الرغم من تشوش الاهداف هنا وهناك، والتي ترجمها البعض تاييدا   للدكتاتوريات، فيما كانت وفي ساحات كثيرة اخرى مميزة الهدف فهي ضد الحرب ومشعليها وبذات الوقت ضد الدكتاتوريات ومصادرة الحقوق والحريات، على قاعدة حقن الدماء والتقليل من العذابات التي تعيشها البشرية نتيجة لسياسات ونهم غربان الحرب الدوليين والقوى التي تقف خلفهم.

الا ان الاحداث التي تلت نهاية الحرب باحتلال العراق، ادت الى انكماش لا بل وغياب الراي العام العالمي المناهض لسياسات الحروب، بدلا من استفادة تلك القوى من حركة الجماهير وتنظيمها ضد تيار الحرب الدائمة اليوم، حرب معلنة على الارهاب لكن قواها هي التي تنظم وتدعم وبكل السبل الجماعات الارهابية المسلحة بعد ان احكمت ادارتها والبستها راية حسب مقاسها  راية" لا اله الا الله الصهيوني حبيب الله".

 

هذا ما تعاني منه منطقتنا التي غرقت بالتيارات الظلامية المسلحة علنا او  سرا، يقابلها تعدد مشارب اليسار الذي يعاني من غياب التجديد الفكري والتنظيمي وقيادة حركة الجماهير المطلبية والتي تعد هي الهواء الذي تتنفس منه هذه الحركات، ليتحول جهدها لحروب داخلية، اجنحة تنتقد اخرى، بالاضافة الى هرولتها خلف التيارات الظلامية  بتحالفات، لا يمكن لصاحب رؤيا سياسية القيام بها، ولكنها مشروع واضح لمن يبحث عن المال والسلطة وليس التعبير عن حقوق المسحوقين وطموحاتهم.

يحدث هذا في ظل مشروع يعصف بالمنطقة لتجزئتها الى دويلات طوائف ان لم تكن دويلات عشائر، لخدمة من ومن هي الاداة المنفذة !! لم يدرك المواطن البسيط حجم هذه المخاطر لانها تقاد علنا  باموال اسلامية وبفتاوي اسلامية ، والملايين من الاميين  لا يمكنهم قراءة  ماكتب على الراية " لا اله الا الله الصهيوني حبيب الله  "اوهكذا اصبحت الراية السوداء  ذات وجهين ، احدهما ارهابي والاخر ينادي بحقوق وديمقراطية اللصوص والصهيونية، بينما القوى الوطنية واليسار بشكل خاص لا يمكن قياس جهده في مواجهة هذا المشروع.

لقد شهدت سنوات الصراع في السابق تجنيد شخصيات على مستوى الدولة لمصلحة هذه الجهة او تلك!! ولكن هذا الامر يبدوا اصبح قديما ، بعد تحول دول وحكومات وقوى بكاملها الى مطية لتنفيذ مصالح هذه الدولة او تلك.

هذا ما نراه اليوم في دور حكومات قطر والاردن وليبيا وتونس ومصر وامارت النفط الخليجية  بالاضافة الى تلك التيارات السياسية التي تتسابق لتقديم الولاء والطاعة لملوك الغاز والنفط، مبشرين الجماهير بالجنه بعد اسقاط الدكتاتوريات!! في الوقت الذي فاقت افعالهم وجرائمهم ما قامت به تلك الدكتاتوريات ذاتها.

لقد قيل وهذا حقيقة  لا يمكن للغربال ان يحجب اشعة الشمس ، واضيف لايمكن للغربان  ان تعلم جميع الطيور  النعيق مثلها، ان حكومات تدعي وتتغنى بالديمقراطية وحرية الراي  وحقوق الانسان ، لا تقنع من لديه نظر بانها تحترم غنائها هذا في الوقت الذي تسلح وتدعم الجماعات الارهابية بالمال والسلاح وغيره من اساليب الدعم، وان شيخ غاز لا يعرف ماهي الاكثرية والاقلية ، وحرية الراي بل جل ما يعيه انواع الثريد، لا يمكن ان يقدم دعما لقوى ختمت ذاتها بالديمقراطية ، وهي غائبة  لدى شيوخ الغاز والثريد!!! ولا يمكن لمعارضة ديمقراطية تحترم شعاراتها ومبادئها ومصداقيتها  بان يحتضنها نظام دكتاتوري او مطية مخابرات دولية كما هي مشيخة ثاني وثالث ومن لف لفهم.

ان صمت اليسار وهرولة بعضه يدا بيد مع الجماعت الارهابية امثال النصرة والقاعدة وغيرها من مطايا مصالح الامن القومي ورعاته، لا يمكن الاقتناع به على اساس هدف او سياسة تكتيكية ، خصوصا في حالة ضعف جماهيرية تلك التيارات السياسية  والتنظيمية ، ناهيك ان دولة المواطنة المزمع بنائها ودولة القانون واحترام الحريات لا يمكن ان تعيش مع او في ظل سياسة الحلال والحرام، كما ان الفرق كبير، لا بل ان الدولة الديمقراطية على نقيض دولة الخلافة  والفقيه والمفتي وامراء الحروب والطوائف، فان هذه القوى بفعلها هذا اصبحت مطية شاءت ام ابت بيد تلك القوى التي تريد تقسيم المنطقة واشاعة سرطان الطائفية فيه تحت تلك الراية التي اشرت لها وبعد تحريفها.

ان ما تقوم به قوى من ما يسمى اليسار في سوريا وبعض البلدان الاخرى لهو جريمة بحق تاريخ حركة اليسار ومبادئها، ان التحالفات مع قوى في، السر والعلن ظلامية ، مع عدم وجود مشترك بينهما بالاضافة الى ضعف ذلك اليسار جماهيريا، ما هو الا جريمة بتشوية ما يحملة الانسان من بقايا صور عن اليسار ومبادئه، وهذا ما يوسم تلك الهرولة بانها هرولة خلف السلطة والكراسي والمال وليس مصالح الجماهير والشعارات البراقة التي ينعق بها ممثلي ذلك اليسار كما يحلو لهم ان يسموا انفسهم ، بالاضافة الى حقيقة مره ان اعمار من يقودوا هذا اليسار في مراكز القيادة اطول بكثير من عمر الدكتاتور في سدة الحكم وهذا المثال الاسوء الذي ربما لم تراه الناس اللاهثة خلف الامان ورغيف الخبز في ظل عواصف الشعارات التي اختلطت ما بين "لا اله الا ديمقراطية الناتو ونبؤة كيانها وسفك دمائنا مع لا اله الا الله الصهيوني حبيب الله ".

ان الصمت والهرولة خلف مشاريع تفتيت المنطقة الى دويلات الطوائف وامرائها، والذي هو جزء ايضا من ضعف اليسار، وصمة سوداء في تاريخ التيار الوطني واليساري والتقدمي على امتداد الوطن والعالم، ففي الوقت الذي تسوده الهرولة والصمت في منطقتنا فهناك في اوربا نرى اليسار المشارك في الحكومات هو من  يساهم وعبر تلك الحكومات في دعم وتسليح تلك الجماعات الارهابية بالمال والسلاح وغيره، وكل هذه لم ولن يحمل معه مصالح شعوب المنطقة او شعوب العالم،  وانما هناك هدف واحد هو خلق احزمة امنه لدولة الانابيب كي يرتاح من تكاليفها هذا الغرب قليلا، احزمة عشائر تتصارع فيما بينها دون ان يصل خطرها بفضل هذه الاحزمة لدولة الانابيب الصهيونية، هذا هو المشروع الذي ينفذ اليوم وبايدي عربية وفتاوي مشايخ الراية السوداء من مشايخ البترودولار. ان هكذا يسار الاجدر به ان كانت لديه جدارة ان يسمي نفسه  يسار بن اليعازر.

كريم الربيعي

17-3-2013

 

 

مجموعة قصص قصيرة جدا


د.ماجدة غضبان المشلب

تقدم ايها الزمن ، لكن عليك ان تعلم ان لي جذورا و مكانا اسمه الوطن ، و ان سرعتك في الدوران ، لن تقذفني خارج الكون.

 مشهد سري (1)

 ثلاث بذرات متبقية ، انها لي ، لن يعتبر ذلك سرقة ، من حقي ان افعلها سرا.

خلف "الميهول"* ، تبدو الارض معشوشبة ، و ليس من نهر قربها ، كما إن موسم الامطار قد ولى ، لعلها خير بقعة انثر فيها بذوري الثلاث ، هكذا اعدت زراعة جسدي و عقلي و روحي ، الآن استطيع العودة ، لن اخبر احدا كما فعل جلجامش ، و لن ادعهم يكتبون اسطورة عني تضعني في مصاف الكائنات الخيالية ، كذلك غطيت البذور ببعض التراب الندي لأحول دون سرقتها من قبل ثعبان ما.

صرخت في البرية:

 انا ماجدة غضبان المشلب المولودة على الغراف ، في ناحية قلعة سكر ، جنوب العراق ، المنتمية الى اصول بدوية من قبيلة عنزة ، لا سواي ، اعدت بذراتي الى ارض العراق ، و ستلدني من جديد حتما على الغراف نفسه ، حاملة شكلي ، و عقلي ، و جسدي ، و روحي.

 

مشهد مستقبلي (2)

عليها ان تسافر الآن ، الحوض الترابي الكبير الذي شتلت شجرة ابنائها فيه يتموضع في الشرفة تحت الشمس الخافتة.

_من سيسقي شجرة اولادي؟؟؟

العذق بدا يكشف عن رؤوس صغيرة ، و اطراف دقيقة محاطة ببتلات الزهر ، مثقل جدا ، و يكاد ان ينحني نحو الاسفل.

داهمها شعور بالقلق:

_ هل ستأكلهم قطط الجيران؟

_لالا ، القطط لا تأكل بتلات الزهر.

رد ولدها الصغير:

_لم يأكلني احد ، الا ان اشقائي لم ينضجوا بما يكفي ، و انت حزينة اكثر مما ينبغي لجفافهم و سقوطهم كأوراق خريف.

اعطت المفتاح للجارة و هي تمسك بيد صغيرها بقوة ، التفتت و هي تصيح:

_لا تنسي ان تسقي اولادي

 

 

مشهد سري 2

قبل ان يقتادوه الى غرفة الاعدام اودع سره لرجل قد اودع سره لرجل اودع سره لسجان متضامن:

هذا كيس الدقيق هو ال (دي ان اي) للسجين فلان ، اوصله للمختبر ، هنالك ستجد فلانا ، هو يعرف ان عليه الاحتفاظ بسلسلة الثوار الجينية في علب خاصة.

تلك البناية الغامضة التي تقوم على تطوير كائنات جديدة قد كشف سرها ، السجناء يعلمون تماما ماذا ينتظر الجنس البشري.

 لافتة كبيرة حملها :

_لا للمخلوقات المختبرية!!.

 

في اجتماع الليلة الماضية تحدثوا كثيرا عن مخلوقات شديدة الذكاء عظيمة القوة تنتجها شركة عملاقة لتحسين النسل البشري.

_هل ترون هذا النمل؟؟؟

_بلى

_هم سيروننا كنمل صغير ، دؤوب و منظم ، لكن عليهم ابادته لأنه يوسخ شكل بيوتهم.

 

اضطجع على ظهره ، وسمع من جديد صرخته التي اطلقها قبل ان يتحول الى نملة في اعينهم.

غرفة الاعدام مرعبة و رطبة...

اغمض عينيه و تخيل الدقيق في علبة ، ذلك سينجب ذريته بعد الرحيل.

 

 

مشهد مستقبلي 2

_ايها الغبي انه قانون إبادة منظم لكل شعب غير منتج ، و قد وافق عليه مجلس الرعب و الأمم المتنافرة.

_ليوافقوا كما يشتهون ، انا ساقول كما قال جورج ارويل ، ان هنالك حتما وسيلة للمقاومة.

_لكن انقراض الأمم موجود تأريخيا.

_نعم ، وفق تخيلنا نحن ، وفق ما علمونا إياه في المناهج.

_لم لا تنصاع و تصمت كغيرك؟؟.

_غالبا ما يوجد غبي مثلي يرفض الإنصياع.

_سيقتلونك.

_اعلم جيدا.

_وقع على قرار قانون الإبادة ، و ستحصل على بيت و تكنولوجيا مذهلة في خدمتك.

_قلت لك دائما هنالك اغبياء مثلي يرفضون النعمة و يفضلون كلمة لا.

داخل تلك الحفرة الصغيرة ، في البقعة النائية ، تقيم بقايا من ثياب و عظام و صدى صوت يقول لا.

·      "الميهول" قبر لطفل مجهول الاسم ، يقال انه يعود لنسل آل البيت و يمنح بركاته لمن يزوره ، لازال في قلعة سكر ، جنوب العراق ، مسقط رأسي، يتوجه له اهالي المنطقة للاحتفال في موسم "الدخول" او ما يسمى بعيد نوروز لدى الاكراد ، و يعتبر بداية سنة في تراث اهل الجنوب ، على الاغلب هو تراث سومري و له علاقة بعيد تموز او الرجل الحداد او الفلاح الذي عاقبته عشتار.