الأربعاء، 19 مارس 2014

ماذا حقق ابطال حرب العراق؟في الذكرى الحادية عشر لاحتلال العراق ///الورقة الاولى


كريم الربيعي


حلت اليوم ذكرى مرور 11 عاما على الحرب العدوانية على العراق، التي بدات في 19-3-2003، بقيادة الولايات المتحدة الاميركية وحلفائها ،  والتي يسميها ابطالها " بعيون اليانكي" ،"حرب التحرير"،  والتي سبقها 13 عام من الحصار و 45 يوم من القصف التمهيدي و حروب استباقية اخرى في عمل حثيث لتهديم وتدمير البنى التحتية للعراق. هذه الحرب  التي  القي فيها على العراق كمية من القنابل تعادل 70 قنبله نووية كما جاء في تقرير على صفحة روسيا اليوم بتاريخ 21-3-2013  .

السبب خلف وفاة  احمد او حسن او دعاء  بالسرطان وفقدان عمر لبصره وولادة جارتك لطفل مشوه، وتكرر ذات التشوه الخلقي في عائلة الجندي الاميركي والبريطاني والكثير غيرهم  من الذين لم تهتم الصحافة باخبارهم كذلك، السبب هو الاسلحة المحرمة دوليا والتي استخدمها ملوك الطاقة في حروبهم . الطاقة التي اكد عليها القائد البريطاني تشرشل في خطابه الى قائد الاسطول البريطاني اللورد فيشر" عزيزي فيشر  ما هو مطلوب من الاسطول الان، وفي المدى المنظور هو ضمان وصول البترول الى بريطانيا العظمى: رخيص  في حالة السلام .مؤكد في حالة الحرب."[1]

كيف يكون رخيصا ومؤكدا ، لم تقولها تلك الجملة ... ولكن التاريخ الذي مضى قال لنا كيف، يذكر لنا الكاتب عبد الحي يحيى زلوم ماقدمه الاستعمار البريطاني  من اجل هذه الثروات والرقم المذكور هو قشة بما قدمته تلك الدول وشعوب المنطقة من ضحايا فقط ، ضحايا دون ان يحسب ما يترتب على تلك الضحايا من خسائر ، فيقول " قوات الاستعمار البريطاني فقدت 258 الف جندي  بين قتيل  واسير ومصاب في واحدة من اسوء الصراعات، الامر الذي يعكس مدى الاهمية  التي كانت توليها بريطانيا للخليج وثرواته النفطية"[2]  والكاتب يشير هنا الى الحملة التي اعقبت الحرب العالمية الاولى لاحتلال العراق اي حملة مابين النهرين .

كيف تكون اذن شراهة الولايات المتحدة الاميركية للحروب والقتل من اجل امتلاك الطاقة وهي التي تستهلك كما يذكر حسنين هيكل " من النفط 25 مليار و 915 مليون برميل سنويا"[3] .

وبهذه المناسبة اود ان اتقدم للقاري  بهذه المداخلة  كواحدة من مداخلات متعددة حول هذا الحدث  الذي قصم ظهر العراق ...وابرز ما يمكنني قوله مما يوسم هذه السنوات هو انها استمرار لاعوام الخيبة، وانها فوضى المِلل  التي كانت ولاتزال اساس العلل، واضعه الشعب في دائرة من مطاحن الموت التي لازال  يتسابق فيها صاحب الزيتوني والاسود والابيض وغيرهم كادوات تحت رعاية مباشرة لذات الراعي القديم الجديد ولكن بتدخل اذرع قوية تكمل بعضها البعض الا وهي التطرف الديني الذي دعمته وتدعمه  الدول المحيطة جميعها  ليشترك مع الاطماع الصهيونية في ظل حسابات المصالح الانكلو اميركية،  مستغلة ومحولة  الجزع والتململ والاحتجاج والكره الشعبي للدكتاتورية الى رايات طائفية وشوفينية لاذكاء نار الفتنة بين ابناء الشعب العراقي.

 كل هذا يقع على شعب ، اجياله  التي تقع عليها المسؤولية اجهضت قواها  لخطاء شعبي كبير تمثل في اللامبالاة او اللا موقف مما كان يحدث على اختلاف تنوعه قبل كل شيء، لا اقصد ما قام فية النظام انذاك فقط ولكن ايضا ما قامت فيه الاحزاب المعارضة وعمالة وارتباط الكثير منها،  وتحركها بالتالي وفق مصالح دول الجوار، والذي تعداه البعض للتنسيق مع العدو الصهيوني  ليكون غطاء لاجهزة هذا العدو في عملها داخل العراق وفي استهداف المنشات العراقية ايضا، واكمل بحروب متتالية وحصار اقتصادي مرعب على ارضية الخنق السياسي والعمل الدائم داخليا لمسح كل براعم الوعي والمعرفة وبشكل خاص في تسطيح القطاع التعليمي ليكتمل بتفكيك الاواصر الاجتماعية والنسيج الاجتماعي للمجتمع العراقي تحت ثقل العوز اليومي ، هذا الامر ساهمت فيه  كل الجماعات التي كانت تدعي المعارضة وكلا حسب موقعه وثقله في تحالف غير معلن مع النظام" رغم التنافر المعلن " والهدف هو تدمير العراق، وفي ظل كل هذا كان الموقف الشعبي والوعي المفترض به مواجهة كل ذلك يلهث ، مفككا وضائعا ومشتتا وغالبا ما كان لا يعنية  كل تلك الكوارث التي دبت رويدا رويدا في الوطن عموما.

تاتي الذكرى الحادية عشر لاحتلال العراق  والوطن يعيش حالة التشرذم ويقف على حافة الانهيار،  ومرة اخرى يقف الجميع ايضا يحفرون ليعجلوا من هذا التدمير، و ليمارسوا ذات الدور القديم،  مع فارق واحد، ان اللعبة اصبحت اكثر وضوحا  للمشاهد، ولاعبيها اكثر وقاحة في الافصاح عن مكنوناتهم، والقوى المشتركة فيها تعددت، وتكاد تتمزق الحجب عن الجميع.

حين اعلن التحالف الانكلواميركي اعلان الحرب وفق شعاراته صيانة المصالح  والامن القومي  للولايات المتحدة وحلفائها، بحجة امتلاك العراق للاسلحة الفتاكة التي تهدد مدن اوربية واميركية ، البسوا هذا لباس  حقوق الانسان والديمقراطية النفطي  لاستدرار عطف اكبر تنظيم في العالم الا وهو " تنظيم التلفاز العالمي " اولئك فاغري الافواه ومصدقي اخبار المؤسسات الاعلامية المعدة سلفا وممولي تلك الحروب بما يدفعوه من ضرائب، لم ينتهي الامر بهذا الحد، وكي يدفعوا البعض للبكاء اقامو حفلات جمع التبرعات والهبات لاعانة الشعب المنكوب و اعادة الاعمار... وبهذا استكملوا مستلزمات لعبة الموت والقتل المجاني من  الجيوش والتكنلوجيا المتطورة ودافعي الثمن على اختلافهم الداخليين والخارجيين، لتصل الفائدة عليهم ليس بالاثراء فقط بل بفائض الاعضاء البشرية التي جمعها تجار هذه المهنة والتي ازدهرت بتنامي  شبكات الاتجار بالبشر وخصوصا النساء والاطفال لاستخدامهم لاغراض شتى.

ليس سهلا ان يكتب عن هذه السنوات الحادية عشر، حيث الحدث لا يقف بحدود اسقاط النظام ، او هدم دولة او كسر للشخصية العراقية ، او ما حصل من احداث في تلك السنوات بل  يسبقها الى سنوات طويلة والى تخطيط ودراسات، وسياسات دفع .. من اجل اصطياد الهدف، ستبقى غبارها تتفاعل وتؤثر في مستقبلنا جميعا عراقيا وعربيا وكذلك دوليا.

ولد العراق وولد معه حبل المشنقة....منذ دخول "المحرر" المحتل الاول وليومنا هذا والبلد محكوم عليه بالاعدام مع وقف التنفيذ.. انها الطاقة  التي يجب ان تكون لهم، و نحن الاسرى والذين يجب ان يكونوا ايضا مستهلكين وخدم ووقود  لمشاريعهم ايا كانت وليس اقل ايضا من مختبر خلفي لتجاربهم بكل انواعها وهذا ليس بمبالغة.

 



[1]هيكل /حرب الخليج ص 70 المصدر محفوظات الادميرالية البريطانية –الصندوق الخاص بتحويل الاسطول البريطاني من الفحم الى البترول. وهو صندوق يحتوي على 117 ملفا من التقارير والمراسلات.
[2]   كتابه حروب البترول الصليبية في الصفحة 62 نقلا عن  انطوني كيف براون Antony Cave Broun  في كتابه النفط الله الذهب.
[3]   حسنين هيكل في كتابه حرب الخليج اوهام القوة والنصر طبعة  1999  ص 73-71

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق