الجمعة، 19 أبريل 2013

أطفالهم ورود....أطفالنا أرقام!



مارتن ريشارد, طفل صغير يبلغ الثامنة من عمره, قضى في حادث التفجيرات الأخيرة التي ضربت مدينة بوسطن الأمريكية وهو يحيَ والده الذي كان بين المتسابقين في المارثون. لقد ملئت صورة هذا الطفل البرئ كل وسائل الإعلام الأمريكية وباقي الصحف الأجنبية, فهو بالتالي ضحية التخلف والهمجية والتطرف الذي يضرب هذا العالم. لقد رحل مارتن لكن قصته بالتأكيد لن تنتهي عند هذا الحد, لقد أنشأ محبوه صفحة له على الفيسبوك ليتبادلوا آخر الأخبار عن الإنفجارات ولتقديم التعازي لذويه, أنتشرت أيضا ً صور مارتن الأخرى, كصوره في البيت والمدرسة وصورة تحمل لافتة تدعو للسلام. ليس هذا فحسب, سيتولى ذوو مارتن أيضا ً مسؤولية مرحلة مابعد وفاة مارتن, كإنشاء منظمات تدعو إلى تحييد الأطفال في النزاعات المسلحة أو مؤسسات ترعى الطفولة أو التبني وسيجمعون الأموال بإسمة لمساعدة الإطفال المصابين جراء العمليات الإرهابية وأشياء أخرى من هذا القبيل. سيصبح مارتن أكثر من نجم بعد وفاته حينما يستغل السياسيون الأمريكان صور مارتن في دعايتهم الإنتخابية في إعلاء شأن الصقور في محاربة الإرهاب أينما كان, وليس بعيدا ً ربما سيكون لمارتن شارع بأسمه أو مدرسة أو حتى تمثال صغير في مكان الإنفجار حيث لقى حتفه. المهم, سيكون مارتن موجودا ً وحاضرا ً في أذهان الأمريكان والعالم كشاهد على هجمة شرسة ضد مجتمع آمن.

لنذهب إلى الجهة الأخرى من العالم, حيث تزامنت تفجيرات بوسطن التي راح ضحيتها ثلاثة أشخاص مع تفجيرات ضربت مدن عديدة في العراق, إذ راح ضحية الأخيرة العشرات من القتلى والمئات من المصابين. من بين كل أولئك الذين ماتوا في الإنفجارات الإرهابية بسيارات مفخخة في العراق كان هناك أطفال كثر. سأقول بصراحة بإني خجل لأني لم أتذكر أسم أي طفل قتل في ذلك اليوم, فلم تكن سوى صور للضحايا لاأعرف أسمائهم شاهدتهم على صفحات الفيسبوك. لا أعرفهم مطلقا ً وسوف لن أتذكرهم بعد عدة أيام, حتى أنهم ربما لن يكونوا موجودين في ذاكرتي بعد أشهر قليلة ولن أتذكرهم أذا سألني أحد عنهم. ربما هناك صورة عالقة في ذهني من تفجيرات حدثت قبل أسابيع حين شاهدت طفلا ً عراقيا ً وهو ينظر بدهشة للأطباء وهم يحاولون مساعدته بقطع أقدامه بالمقص بعد أن حولهما الإنفجار إلى أشلاء. لا أعرف أسم هذا الطفل المسكين ولا من هو ولاحتى مكان سكناه, فقط صورة بقت عالقة في الذاكرة. لم أشاهد الورود تحيط بالطفل بعد إنتهاء العملية وهو ممدد على سرير المرض ولا حتى صور أخرى لقدميه التي كانتا سالمتين قبل الإنفجار ولا حتى مرت علي صفحته الشخصية التي ربما أنشئها, وأقول ربما, بعض المتضامنين معه. الشيئ الملفت أن مقتل العشرات وإصابة المئات بتفجيرات يومية في العراق لاتضظهر على صفحات الصحف العالمية والعربية إلا كإشارة بخبر هامشي بسيط وكأنه شيئ إعتيادي يحدث كل يوم إذ يستحق هؤلاء القوم الموت بهذه الطريقة بعد أن إختفت أسمائهم وصفاتهم وصورهم من عناوين الصحف.

كل يوم تتعزز لدي قناعة بأننا, كعراقيين, مجرد أرقام مرسومة على خريطة هذا الوطن الذي يشبه فريقا ً لكرة القدم, فحين يصاب أحد اللاعبين يدخل لاعب آخر برقم مختلف, أو حتى بنفس الرقم فمن يأبه, المهم أن تستمر المباراة. لاتتوقف المباراة أبدا ً من أجل لاعب مصاب, فلدينا والحمد لله لاعبين كثر في الأحتياط, ولدينا أيضا ً منتخب أولومبي ومنتخب للشباب والناشئة والأشبال والأندية والفرق الشعبية وفي بطون الأمهات, كلهم جاهزون للعب حين يصاب لاعب ما, المهم أن تستمر المباراة حتى لو أستمرت عملية أصابة الاعبين واحدا تلو الآخر وتبدل الفريق مئة مرة, فلدينا كثر منهم فهم يشكلون عبئا ً على الدولة والمجتمع إذ أن إستبدالهم بآخرين قد أصيبوا ستكون فكرة رائعة. لهذا السبب, لم, ولن, تتوقف المباراة من أجل رقم معين قد خرج من المباراة, فهي مجرد فانيلة يمكن إستبدالها بأخرى ووضع نفس الرقم عليها. المهم أن تستمر المباراة ليعيش آخرون كالسياسيين والمنتفعين والمضاربين والتجار والمدربين واللاعبين والإتحاديين والكروين وكل الناس أجمعين. لايهم, سوف لن تتوقف الحياة في العراق بعد إنفجار سيارة مفخخة قتلت أربعين فردا ً, فنحن أبطال كما يصورنا الإعلام حيث نكنس الشوارع بعدها بكل أريحية وننظف السواقي من بقايا الدماء بعد رش الماء عليها, ونضحك بعدها أو نتداول مزحة بنكهة سيكار يعبر عن ألم داخلي, المهم أن الحياة لاتتوقف! ولماذا تتوقف وقد ذهبت أرقام وأتت أرقام غيرها تعمل بنفس المكان بعد ساعة من الإنفجار, فلاتتوقف الحياة على فرد أو فردين أو حتى مئة ألف فرد, بإختصار علينا أن لانقلق لموت الكثيرين فهم سيذهبون للجنة على إية حال ومن جهة أخرى سيفسحوا المجال لآخرين بالعيش في مكانهم, فعندنا في المخزن المجاور أكثر!

رحل مارتن وسوف يعرف العالم من هو وماكانت أحلامه الصغيرة وآماله الكبيرة, وسيعرف الناس أين سافر وماذا كان يأكل, وسوف تتعطل المدرسة من أجله يوم أو يومين وربما مدارس الولايات المتحدة وبعض الدول في العالم سيقفون دقيقة صمت على موت مارتن المسكين. لم يكن موت مارتن حدثا ً طبيعيا ً ولهذا على كل الناس أن تعرف أنه كان هناك فردا ً أسمه مارتن أراد عندما يكبر وأن يصبح طبيبا ً يعالج المرضى بلا ثمن أو يصبح طيارا ً يحارب الأشرار في كل مكان. لقد أريد لمارتن أن يكون مرئيا ً وواضحا ً وضوح الشمس ليس في وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية فحسب, بل في صفحات التاريخ ليكون شاهدا ً على همجية الهجوم الذي كان يستهدف الأبرياء ومنهم الأطفال الصغار, وشاهدا ً أيضا ً على فشل أجهزة الأمن والشرطة الأمريكية بكل أمكاناتها بأن تحمي طفلا ً صغيرا ً بريئا ً من تلك الهجمة الشرسة, حيث على الشرطة أن تعيد إستراتيجياتها في معالجة ومكافحة ظاهرة الإرهاب.

 أما ذلك الطفل المسكين الذي قطعت ساقاه على أثر إنفجار سيارة مفخخة في العراق, فلم تتوقف المدرسة من أجله, ولاتعرف الحكومة به أصلا ً لأنه عندهم مجرد رقم من أرقام الضحايا, ولن يعرف أحد أحلامه وآماله إن كانت صغيرة أم كبيرة, حتى لايعرف أحد أسمه وعنوانه, لكنه ترك في النفوس أثرا ً لايمحى بنظرته التي تعبر عن الدهشة وهم يقطعون جزء من جسده, وكأنهم يقطعون شيئا ً يابسا ً هو ليس بحاجة إليه. لقد أريد لهذا الطفل البريء أن يكون مخفيا ً, لامرئيا ً لوسائل الإعلام ولباقي مؤسسات الدولة والمجتمع, أريد له أن يكون حدثا ً من الماضي كباقي الأحداث التي تمر علينا, ولانعير لها الأهمية لأنها أصبحت عادية, مهما كبرت حجم القيمة المعنوية لما فيها من مشاعر وآلام وأحلام ومسرات تتخفى بين طياتها وتتجلى على وجوه الضحايا أثناء نقلهم إلى المستشفيات. نعم, لقد أريد لهذا الطفل المقطوع الساقين الملطخ الوجه بالدم أن يكون رقما ً فحسب, كي لايذكره المجتمع ليشعر بالألم من أجله, فعندنا من الآلام مايكفي. ولكي لايذكر مؤسسات الدولة بفشلها وخيبتها من عدم حمايته, لأنه سيفرض عليها أن تعيد النظر بخططها وإستراتيجياتها في مكافحة الإرهاب وهي لاتريد ذلك لأن هناك من الفاسدين والمنتفعين من ظاهرة الإرهاب. إذن, ذلك الطفل هو بالتالي رقم من الأرقام التي يمكن أن تعوض برقم آخر, لكنه بالنهاية فضحهم بنظرته الغريبة تلك والتي تترك أثرا ً في قلب وعقل كل من يشاهدها!

 

عماد رسن

الاثنين، 8 أبريل 2013

عشر سنوات بعد سقوط الصنم... أين صرنا!


عماد رسن

 يُحكى في التراث الشعبي العراقي أن هناك سارق وقاطع طريق في البصرة أسمه معيط. كل الناس تعرف وتلعن معيط لعنا ً شديدا ً لأنه كان يسرق أكفان الموتى الذين يُجلبون من أيران فيُدفنون في البصرة بإسم الوديعة لحين نقلها بالقوارب التي تسمى الكلك آن ذاك إلى الكوفة, وذلك عبر شط العرب وبعدها عبر نهر الفرات لتصل إلى النجف حيث مستقرها الأخير. فلما مات معيط ارتاح الناس من شره فصاروا يلعنونه أمدا ً طويلا ً ليرتبط أسم معيط باللعن بشكل تلقائي. لكن معيط وقبل أن يتوفاه الأجل أوصى إبنه شعيط بإن لا يدخر جهدا ً برفع اللعن عن أبيه معيط لينشغل عنه الناس. فكر شعيط كثيرا ً بالأمر فتوصل إلى حل وحيد يستطيع به رفع اللعن عن إسم أبيه, وذلك بالقيام بفعل أكثر شناعة من فعل أبيه معيط, وبذلك ينسى الناس أبيه ويلعنوه هو بدلا ً عن أبيه. وعلى هذا الأساس قام شعيط بسرقة أكفان الموتى كما كان يفعل أبيه في السابق لكنه لم يكتف بذلك فقام بوضع خازوق بمؤخرات هؤلاء الموتى ممثلا ً بجثثهم. فلما عرف الناس بالأمر صاروا يرددون, رحم الله معيط الذي كان فقط يسرق أكفان الموتى, ولعنة الله على شعيط الذي يقوم بالتمثيل بها. وبهذه الحيلة رفع شعيط عادة اللعن التي رافقت أسم أبيه بذكاء شيطاني نادر. يقال أن الأمثال تضرب ولاتقاس, فحال الشعب العراقي المسكين بعد عشر سنوات من سقوط الصنم كحال الموتى الذين سرقت أكفانهم ومثل بهم بين شعيط ومعيط.

 

لقد ذكرت هذه الحكاية سابقا ً في مقال قديم وأذكرها الآن لأني أعتقد أنه الوصف المناسب الذي يقطع الطريق على أولئك الذين يقولون أن كل الويلات أتت بعد سقوط النظام السابق وكل من يحاول أن يقارن بين عهدين, إذ أن أحدهما هو إمتداد للثاني ونتيجة طبيعية له, وبذلك أكون قد تجاوزت نقاش المقارنة بين عهدين.

 

إذن, في مثل هذه الأيام, قبل عشر سنوات بالضبط, سقطت بغداد بيد الاحتلال بشكل مهين بعد أن تركها النظام وفر منها بينما كان يتوعد بالويل قبل سقوطها. عشر سنوات على تهاوي الصنم في ساحة الفردوس, حيث إشرأبت وجوه متعبة لبزوغ الشمس في مشرق جديد, وتجهمت وجوه مطفأة العيون من إنتهاء زمن كانوا ينعمون به بخيرات هذا البلد في ظل هذا الصنم الذي بدا ضعيفا ً يترنح أمام عدسات المصورين يلفه علم أمريكي لعشرين دقيقة وكأنها رسالة واضحة بأن لولا الأمريكان لما سقط النظام السابق. أما الغالبية الصامتة, ضحية شعيط ومعيط, فكان يعلوا وجهها الحيرة ومزيج من فرح يشوبه الخوف, نعم, الخوف من المجهول, فهم يعلمون أن سقوط النظام كان حقا ً يراد به باطل. فليس لسواد عيون العراقيين جاء الأمريكان والبريطانيين لينهوا حكما ً دام أكثر من ثلاثين عاما ً.فقد كشفت صحيفة الأندبندنت البريطانية أن شن الحرب على العراق كان أمرا ً قد دبر بليل بين جورج بوش وتوني بلير في رحلة نهاية أسبوع قام بها الأخير لولاية تكساس الأمريكية بصحبة بوش وحده من غير حضور مستشاريهم, وأن الرجل رجع إلى بريطانيا مقلوب رأسه, بالرغم من التقارير التي أعدتها المخابرات البريطانية والتي ذكرت أن العراق لايشكل خطر في الوقت الحالي, بل أن ليبيا هي الأولى بشن الحرب لإنها تحضر لإمتلاك أسلحة محظورة. 

 

سقط النظام وجاء الأمريكان ببريمر, حيث لاخطة هناك لما بعد السقوط, فكل شيء كان يتم بشكل عفوي تلقائي بلا أدنى تخطيط مسبق. ليس هذا فحسب, حتى أن المعارضة العراقية لاتملك مشروعا ً مسبقا ً عما سيكون عليه شكل العراق لما بعد السقوط, ففرقة ترى العراق دولة إسلامية وأخرى دولة علمانية, وأخرى فيدرالية وأخرى دولة عربية قوية في المركز, وهكذا. كل شيء كان يجري بشكل عفوي وإرتجالي وبقيت الأغلبية الصامتة صامتة لغياب التظيم بعد موت الحياة السياسية في العراق لأكثر من ثلاثين عاماً وموت الطبقة الوسطى الكفيلة بالتغيير في حصار مخطط له أن يدمر هذا البلد دام لأكثر من عشر سنين. عرقلات ومشاكل سياسية بدأت مع بداية المحاصصة الطائفية ثم ذهبنا لكتابة الدستور ومع زعل فلان وترضية فلان مضى الدستور. في تلك الأثناء, كانت حدود العراق مفتوحة وجدرانه خاوية إذ تكفي ليتسرب منها المتشددون وكأن الأمريكان على موعد مع هؤلاء لينقلوا الصراع من افغانستان إلى العراق. أما العراقيون فقد ذهبوا للشراكة السياسة وفي جيوب سياسييهم مشاريع طائفية يكسبون بها رضا الجمهور بعد أن صار العراق بلد ديمقراطي. فالأغلبية الصامتة يستميلها فلان وفلان من السسياسيين بعد أن يدغدغ مشاعرهم الطائفية ويخلق لهم أعداء طائفيون وهميون.

 

أما الآن, وبعد عشر سنوات من سقوط الصنم, لم تصمد الشراكة حيث يلوح البعض بحكومة الأغلبية. غرق العراق بالفساد وصار مرتعا ً للإرهاب وهو يتجه للتقسيم لامحالة إذا ما أستمر الوضع لما عليه, لاخدمات ولامشاريع ولاشيء جديد سوى عدة آلاف من المدارس الطينية ومستوى عال لخط الفقر, والفارق الوحيد هو الميزانية التاريخية التي تمتلكها الدولة. السؤال المهم, هل راجعنا أنفسنا بعد كل تلك السنين, هل كان السبب هو النظام السابق وحزب البعث والإرهاب في تأخر العراق على جميع الميادين والأصعدة أم أن هناك أسباب أخرى, كقبولنا أن نكون ضحايا لشعيط ومعيط! بالقلم العريض, هل كان النظام السياسي السابق سببا ً لكل ما حصل أم كان نتيجة طبيعية لثقافة بائسة تعشق الدكتاتورية والتسلط وإلغاء الآخر والتشدد في كل شيئ.

 

مع الأسف الشديد, الغالبية العظمى من السياسيين, وهناك أيضا بعض من المثقفين والاكاديمين, كانت تظن بأن بزوال الصنم ستزول مصائب العراق ومآسيه, لا أعرف إن كانت تلك الفكرة ناجمة عن تدن بمستوى الوعي لدى الطبقة السياسية لإنفصالها عن الوسط الثقافي الذي كان سينورها بالحقيقة, أم كانت تعرف بما سيحدث ورغم ذلك مضت بمشروعها الهادف للتغيير من خلال الحرب. في الحقيقة أن المشكلة في العراق ليست سياسية فقط بل هي ثقافية في جذورها, فليس النظام السياسي في العراق وحدة بحاجة لمراجعة شاملة بل ثقافتنا بحاجة لمراجعة شاملة, فالثقافة تمرض إن لم يتم تطويرها. فنحن بحاجة لنقد ثقافتنا, إعادة النظر بما هو صح وماهو خطأ مما هو سائد في مجتمعنا, إعادة إنتاج بعض المفاهيم عن الحرية والديمقراطية والمساواة, عن الآخر المختلف في الدين واللون والقومية, عن المرأة والدين ومعنى الوقت. بإختصار شديد, ثقافتنا بحاجة للتحول من طابعها التقليدي إلى ثقافة عصرية حداثوية. فبهذه الطريقة فقط يمكن أن ننجو, فلا يمكن تصور نظام ديمقراطي تعددي فيه هذا الكم الهائل من الهويات الفرعية والثقافات المتعددة أن يستمر ويكون فعالا ً مالم تصاحبه ثقافة عصرية حداثوية تكون مرجع لكل شيئ فيه. هل أعدنا النظر في ثقافتنا؟ هنا تكمن المشكلة إن كان الجواب لا!

سقط الصنم, وتشظى ليصبح ألف صنم لكل مسؤول وشخصية سياسية, وربما لكل فرد عراقي, حتى كأن الصنم الكبير نفسه الذي تهاوى كان صنيعة من أصنام تكمن بداخلنا نعبدها. عشر سنوات ومازالت تلك الأصنام الصغيرة بدواخلنا تنمو وتتجذر منذ مئات السنين لأن ثقافتنا ثقافة تعشق الأصنام وتحب عبادتها. أما الأغلبية الصامتة فلازالت صامتة لأنها لاتزال تعشق الأصنام وتكره الحرية الكامنة في تحطيم تلك الأصنام الصغيرة التي أصبحت أصناما ً طائفية بإمتياز, لتضل ضحية بين شعيط ومعيط!

 

عماد رسن


 
 

الأحد، 7 أبريل 2013

الغسيل القذر...


نشر جون كرينس غسيل الشركات الاميركية والاعمدة الاخرى التي تتحالف معها لتشكل سلطة او قوة الكوبروقراطية ، والتي هدفها السيطرة على العالم ، في كتابه له بعنوان " الاغتيال الاقتصادي للامم " والذي تستعرضه هذه الايام قناة روسيا اليوم بالقاءات متعددة مع الكاتب.

القاتل الاقتصادي كما يسمى " جون كرينس " شارك في تنفيذ هذه السياسة  التي تديرها اقطاب ذات مصالح اقتصادية ولديها شركات كبرى، في الوقت ذاته الذي تحتل تلك الاقطاب ، مناصب سياسية قيادية في هذا الحزب او ذاك في الولايات المتحدة الاميركية، فليس بالامر الخفي ان يكون جورج بوش من اصحاب او ملاكي شركة الغذاء المتحدة وبذات الوقت ممثل اميركا في الامم المتحدة، وربما هو ذاته السباق لاقتراح المشاريع، بكيفية توفير الغذاء لشعوب افريقيا وغيرها من بلدان العالم!!!!!!!!!!!! وهو ذات الشخص الذي أصبح فيما بعد رئيسا للدولة ، انه مثال ليس الا، ولكن هذا هو الحال فعلا للمناصب العليا الاميركية.

تلك الشركات ،التي يكون صندوق النقد الدولي والبنك الدولي جزءا منها، والتي تتمدد  بقوة مالها، و توفر وبذات المال الحماية لها من قبل الجيش وبقوة السلاح، وتحافظ على مصالحها وتوسعها اجهزة المخابرات وخصوصا ال سي اي ايه. و اولى اهدافها هي منح القروض وتنفيذ المشاريع على اساس او بالترابط مع تلك القروض ، واملها كما هي عينها على ان  لاتفي تلك البلدان بتسديد هذه الديون فيما بعد، وهنا هو الهدف او سياسة المقايضة التي تتبعها تلك الشركات وبشكل قانوني لا يثير دولة القراصنة  ولا الكثير ممن هم على هذه المعمورة ، وتتمثل سياسة المقايضة تلك بمطالبة الدولة هذه او تلك بوجوب تسديد القرض مقابل اراضي او مواقع اخرى، وهذا ما فعلوه مع العديد من بلدان العالم منها وعلى سبيل المثال الاكوادور و مملكة ال سعود.

يقول جون حين ارادو بناء سدود مائية في مناطق غابات الامزون، كانت الطائرات ترسل المعونات الغذائية بسلال، وهذه السلال كنا نعمل على ان يكون قعرها مزدوج كي نخبيء جهاز للتنصت فيه. هذه الاجهزة كنا ومن خلال استقبال بثها من محطات عسكرية او طائرات نستمع لكل ما يحدث في حياة الاهالي اليومية بما فيه ماتخطط له الجماعات اليسارية المعارضة لوجودنا ،كما وتمكنا تلك الاجهزة من معرفة الحالة الصحية في تلك القرى بما فيها الحالات الطارئة، ونحن ندرك تماما  بان سلات الغذاء حملت اسماك والاسماك ملوثة وستسبب حالات اسهال.  فكنا نرسل الفرق الطبية على وجه السرعة لمعالجة اولئك الناس. افعالنا هذه كانت تثير تسائل الفلاحين، كيف عرفتم بان احدِ منا مريض او حصلت هكذا حالات لدينا ، فيجيب المعالجين ممن ارسلتهم الشركات بان الرب هو الذي اخبرنا واهدانا لناتي لمعالجتكم!!!!!

نعم انه الرب الذي اهداهم!!؟؟ هكذا  وببساطة ادخلوا الدين او اقحموه ليلبس مصالحم وبالتالي ليحققوها وبسرعة قصوى ، اما الفلاحين فقد تلفت الفيضانات محاصيلهم واراضيهم الزراعية وعلاوة على ذلك جرى تهجيرهم من قراهم  الاصلية ، دون ان يتدخل الرب !! ما اشبه رب فلاحي الامزون برب شعب العراق!!!

بهذه الطريقة تسرق اموال البلدان النامية والتي وصلت ديونها الى 3 ترليون دولار  وبفوائد متراكمة وصلت حتى عام 2004 الى 350 مليار دولار  كما يذكر الكاتب.

الكتاب الذي صدر بالعربية عن منتديات مجلة البسمة عام 2012 و ترجمه  مصطفى الطناني والدكتور عاطف  معتمد يمكن الحصول عليه مجانا على هذا الرابطwww.ibtesama.com  ومن الاهمية الاطلاع عليه للمهتم السياسي في بلداننا.

في ظل هذا النهب المشرعن والمحمي بالقانون الدولي وشرعية العلم الازرق ، النهب الذي يجري تحت يافطة الامن القومي للعم سام ومن ركع مصليا ومسبحا باسمه، لم يتوقف تباكي جوقته تلك عن فقراء افريقيا  واسيا  واميركا اللاتينية ، فثرواتهم يجب ان تؤمن مستوى استهلاكي جيد للفرد في جوقة العم سام!!، اما اطفال هذه البلدان ومن العوئل المعدمة فقد اصبحوا ايضا تحت الطلب لسد حاجات  الانجاب وغيرها من خلال التبني لهؤلاء الاطفال و تحت يافطة توفير حياة افضل لهم!!!

والمضحك المبكي بان  وزيرة في احدى الحكومات الاوربية قبل ثلاثة اعوام تقريبا وكتبت عنها في ذلك الحين،  هددت العراق بقطع المساعدات المالية عنه، والبالغة ب 25 مليون دولار على ما اتذكر!! ان لم يستقبل اللاجئين العراقيين المبعدين اليه!!!  بل لم يتوقف البكاء والاعلانات التي تدعوا لها "الشعوب المحبة للسلام " من اجل مساعدة الشعوب الافريقية ، فيما تقف الشركات الكبيرة في هذه البلدان وتحت لحاف التباكي هذا بمص دماء هذه الشعوب عبر  سرقة ثرواتهم الطبيعية، تحت يافطة الاستثمار، الذي لم تحصل منه تلك الشعوب حتى على الحد الادنى من الضرائب التي يجب ان تدفعها هذه الشركات لحكومات البلدان التي تستثمر بها، كما هو حال احدى الشركات السويسرية التي  تستخرج النحاس في تنزانيا ، والتي وصلت ارباحها العام الماضي الى اكثر من مليار دولار، هذه الارباح دفعت اهالي احدى المدن السويسرية" المحبين للسلام" والتي يقطنها مؤسسي الشركة لاقامة الاحتفال الرسمي باصحاب الشركة، في الوقت الذي لم تدفع به هذه الشركة الا 50 مليون دولار ضرائب وتم هذا بعد جهد جهيد، فيما صوت المستثمرون في تلك الشركة من السويسريين" في تلك المدينة المحتفله" ضد اي قرار لدفع اموال الى الحكومة التنزانية مقابل تلك استخراج النحاس من الاراضي التنزانية !!!! هذه حالة مما تعيشه القارة السمراء الغنية بالمياه والمعادن وقوة العمل ، ولكن صورتها دائما جفاف كوارث ، جوع  وحروب. الجريمة تبدا دائما من السياسي وتمر بالبنك الدولي ووصندوق  النقد  الدولي وتنتهي  بافاعي المال، البنك الدولي يدفع قروض لهذه الدول. هذه القروض ليس لحكومات هذه الدول نفوذ بكيفية الاستفادة منها، وانما وجهة صرف القروض يحددها البنك الدولي، فتكون مثلا للبحث عن الذهب!! وحين تعجز الدول من تسدسد القروض تلك ، بعد ان تكون قد دفعت كل فائضها البسيط فوائد لهذا القرض او ذاك، ياتي البنك الدولي ليفرض مقايضته، اذا لم تستطيعوا دفع القروض  فيمكنكم تسديدها من خلال اراضي  او مناطق زراعية او مياه او مناطق اخرى ، يعرفون سلفا انها غنية بثروة ما، يستثمرها البنك الدولي وافاعي المال  دون ان يدفع سنت واحد لذلك البلد! ليس استعمار هذه المرة وانما تملك وبناء دولة داخل دولة، سياسة تمارسها شركة الغذاء المتحدة والتي يملكها بوش الاب ورهطه،  في بلدان اميركا اللاتينية وتمتد الى افريقيا الى اسيا وكما نلاحظ اليوم العراق ايضا، ميزانيات هائلة ، مشاريع تنفذ منها الخطوة الاولى وتترك ، هذه من علامات الكوربوقراطية  التي يرعاها البنك الدولي وصندوق النقد والشركات الكبرى الاميركية محمية ومرعية من الجيش والمخابرات.

هذا مثال  من عالم الانسان الذي لا يغلق فمه بالمناداة بالعدالة والتنمية الدائمة و العرس الذي ترقص به القبعات الزرقاء  دوما دون اي حساب لشعوب تلك البلدان وامنها ومستقبلها.

كريم الربيعي- نيسان-2013

 

 

 

 

 

 

ليلة القبض على عرعور


كثيرة هي الاسماء التي دخلت التاريخ من فتحات المجاري على عكس تلك التي دخلته من اوسع الابواب. ما اقصده باوسع الابواب اولئك الملوك والرؤساء والعلماء والادباء والفنانين  الذين تركو للانسانية جمعاء ما ينير لهم طريقهم وما يقوي من عزيمتهم، اما اولئك الذين خرجوا من المجاري فهم كثرة ٍ والعياذ بالله منهم لا يعرفون الا القضم والركض السريع في لحظة الهرب. شخصية اليوم عرعور واصل اسمه مركب من كلمتين عر بالاضافة الى عور، وهذا المضحك المبكي بالامر على الرغم من عر  عور الا انه يحلم بحور العين، ليس هنا القصة وانما في تلك الليلة التي القي القبض على عر.. عور بها ، لا تفرح عزيزي القاريء، لم يكن   الجيش السوري او اجهزته الامنية من القى  القبض على عر .. عور،  وانما مليحة شقراء  دخلت عليه حيث كان يسبح حمداً، فلما راها كف عن التسبيح مناديا تفضلي يا درة النصرة وقاعدة الايمان وقبلته وحره العالم، دنت المليحة منه هامسة ياشيخ عر..عور  اني اسكن في  كوخٍ خلف التلة  تلك، اتعبني الارق  والخوف، قيل ان الجن هناك يقاتلنا، يا شيخ عرعور، بحثت طويلا عن طيفور كي يقطع راسه، قالو طيفور بمهمة، ضربت المندل والحجر وقرات الفنجان ولكني لم ارى  للطيفور عوده!! ازداد الارق  والجن يحاول  ويحاول ياشيخ عرعور بلحيتك هذه تعال الى الكوخ وسبح ....عل الجن... يجن!! تنحنح عرعور حتى لم يبقى من اسمه غير الواو  وتنهد وفتل يده سريعا فدارت المسبحة مطقطقة، اعوذو .. اعوذو..  انهضي معي .. دليني على الكوخ، اريني الجن   لاريك كيف يجنُ!!

القى عرور خطبته العصماء.. فناولته كاسا من اللبن!! اشرب يا شيخي اشرب اسمع حشجرة بصوتك من التعب... فيرد العرعور .. لا لا  سالقي بهم بنار جهنم سيكونون حطبا...، يا شيخي هل اخذك لبيت مجاهدات النكاح...؟! يهز براسه ويفرك ذيله بيده ....  الكفرة  المارقون  الملحدين  السافلون، سالقي بهم... وهنا القت المليحة نفسها امامه .. فكر العرعور بلا مسبحة  وبين الشد وبين الجذب تمزق ثوب المليحة ليبان خلف الثوب ان المليحة كانت  طيفور بذاته  تلبس قناع امراة ، خر الشيخ  صريعا  امام طيفور ، وطيفورا هذا غليون يدعمه ، ربط العرعر بالواو وهو يصرخ يا عر  بشر اهل الشام باننا اوجدنا اصباغ ايمانية للحية وسراويل لا تلمس سطح الارض  ابشروا ابشروا ستكون كوية الجبين باداة صينية   !! وهنا قطع رنين الهاتف رؤيتي.

كريم الربيعي

برنامج أكو فد واحد!

      عماد رسن

 أكو فد واحد...مصطلح يستخدمه العراقيون غالبا ً عندما يريدون أن يطلقون نكتة أو مزحة ما في أشاره لشخص مجهول, في نفس الوقت, يستخدم هذا المصطلح كعنوان لبرنامج يبث من على أحدى القنوات الفضائية العراقية ويحضى بعدد كبير من المشاهدين. هدف البرنامج هو لمتعة المشاهد بجعله يضحك على نكات ومزح ومواقف يلقيها مجموعة من الضيوف يتغيرون بين الحين والآخر. لست من المتابعين الدائمين لهذا البرنامج ولكني شاهدت حلقات عديدة منه, لاأخفي عليكم, لقد ضحكت كثيرا ً على كثير من النكات والمواقف الساخرة التي أطلقها بعض الضيوف, ولكن, هذا لايعني بان ليس هناك ملاحظات على البرنامج إبتداءً من شكله وفي المادة التي يطرحها, وليس إنتهاءً بصلاحية تلك المادة ونوعها وملائمتها للفضاء العام الذي يحتوي على ماهو متعارف عليه بين الناس وماهو صح وماهو خطأ عندما يتبادلون الأفكار والآراء لصياغة المعايير في السلوك والتصرف, فوسائل الإعلام هي أحدى أدوات الضبط لهذا الفضاء لذلك يكون مراقبا ً في دول الإستبداد من أجل السيطرة على ميقال فيه.

 

فالمادة التي يطرحها البرنامج هي النكتة والمزحة وهدفها إضحاك المشاهد لتحقيق المتعة. يقول عالم الإجتماع والأنثربولوجيا الأمريكي أيرفان غوفمان في تحليله لسلوك الناس في حياتهم اليومية الاجتماعية بأننا نعيش في مسرح كبير وما نحن إلا عبارة عن ممثلين في هذا المسرح الكبير وهناك دائما ً مانخفيه وما نضمره في سلوكنا اليومي. فعندما نمارس حياتنا اليومية فنحن في الحقيقة نصعد على خشبة المسرح لأنأخذ الدور المرسوم لنا وهناك المشاهدون وهم في الحقيقة ممثلين أخرين يمارسون أدوارهم الإعتيادية. وعندما ينتهي الدور لكل منا نذهب إلى الكواليس لنتهيئ للدور القادم وهكذا. مثلا ً على ذلك نادل المطعم الذي يبدو غاضبا ً في الكواليس وربما يكسر الصحون من عصبيته عندما يتأخر الطعام  ولكن عندما يخطو إلى الصالة حاملا ً الطعام للزبائن يبدو مبتسما ً وفي غاية الوداعة وربما يلاطف الأطفال الجالسين على طاولة الطعام. إذن, يوجد هناك عالمين مختلفين نضمر أحدهما ونظهر الآخر بما يتلائم مع ماهو متعارف لنأدي الدور المناط بنا حيث نلبس أقنعة في ممارسة حياتنا اليومية. أن أي إختلاف أو عدم تناغم أو التداخل بين هذين العالمين يظهر أن هناك خطأ ما فيبدو الأمر مأساويا ً تارة ً أو مفارقة تارة ً أخرى لتولد حينها النكتة. فالنكتة ترصد الفوارق ببين العالمين وتدونها على إنها مفارقات مضحكة لأن الدور لم يكن يؤدى كما يتوقع له. ليس هذا فحسب, فالنكتة تكشف على المسرح مايدور في الكواليس لتظهر ماهو مخفي كوسيلة لكشف العيوب لأجل السخرية, أو العكس, إذ تعيد أنتاج مايدور على المسرح من فعل ولكن هذه المرة في الكواليس لتسخر من اقنعة الناس ومن الأدوار البائسة التي يقومون بها. لهذا السبب نرى أن النكتة من غير أداء جيد لايمكن أن تؤدي وظيفتها وتصبح مجرد حكاية أو قصة أو أحجية فارغة, فالدور الرأيسي للنكتة هو ليس معنى مايقال بل هو الأداء بإعادة أنتاج الأدوار المراد السخرية منها من قبل الملقي أو المؤدي بشكل آخر من أجل كشف الملابسات التي تحدث في أداء تلك الأدوار.

 

إلى الآن لايبدو لدور النكتة إلا كشف الفوارق بين ماهو مخفي وماهو ظاهر في حياة الناس الاجتماعية الإعتيادية في تفاعلهم اليومي, ولكن, للنكتة وظائف أخرى كالسخرية من الواقع ونقده بطريقة لاذعة من خلال التهكم عليه. فهنا أصبحت وظيفة النكتة معيارية وليست وصفية فقط حين تعيد إنتاج الواقع والفوارق بين العالمين الآنفي الذكر بطريقة ما من أجل تغييره. ومثل على ذلك النكتة السياسية التي سببت وتسبب أرق للسلطات الحاكمة, ويكفي لذلك ذكر أن نكتة واحدة كفيلة لترسل ملقيها لحبل المشنقة في زمن النظام السابق في العراق, وأيضا ً مايفعله باسم يوسف هذه الأيام في نقد الرئيس مرسي في برنامجه البرنامج الذي أثر على الأوساط الثقافية والشعبية والسياسية, ليس في مصر وحدها بل في دول كثيرة. فالنكتة أصبحت مظاهرة بحد ذاتها من أجل تغيير الواقع وليس للضحك والتهكم فقط.  

 

أعود لبرنامج أكو فد واحد. نعم, يمكن أن تتحقق المتعة المصبو إليها في هذا البرنامج في لحظة معينة لكنها تأتي على حساب أشياء كثيرة, كالسخرية من الآخرين في العرق واللون والطبقة والمنطقة من غير الأخذ بنظر الإعتبار مشاعر فئة معينة من الناس. ففي أحيان كثيرة يتندر بعض الضيوف على قومية معينة أو طبقة أو منطقة معينة من أجل السخرية لتحقيق المتعة. فلايمكن للنكتة أن تؤدي دورها مالم يتم وضعها في سياقها الطبيعي وهنا يفقد الملقي التحكم بمشاعره فيما يقال وما لايقال. ولم يتعد البرنامج الحالة الوصفية التي ذكرتها سابقا ً إذ لايمت لأي شكل من أشكال النقد للواقع من أجل تغييره, وللأمانة لم يكن هدف البرنامج أصلا ً تغيير الواقع إذ هو للمتعة فقط, ولكن, ليس من أجل المتعة نقوم  بإختزال النكتة في أطر ضيقة هدفها الضحك فقط. فالشعب العراقي معروف بمداولته النكته للسخرية من الواقع وقد عرفها في الألف الثاني قبل الميلاد عندما كان السومريون يسخرون ممن يخرج الريح ويتناولنه بالسخرية. فالنكتة كانت إحدى أسلحة الشعب العراقي في مواجهته للظلم ومازال يستخدمها يوميا ً من أجل تغيير واقعه المرير. أما تقديم النكات بهذا الشكل للضحك فقط وبإختيار ضيوف من طبقة ومناطق محددة وجمهور يصفق خلف الضيوف, بعد كل فاصل بأغان شعبيه من لون واحد, حيث يسطع عليهم لون الاستوديو الأزرق وكأنهم أشباح يتطايرون مع كل نغمة للرقص فهذا شكل بائس فعلا ً.

 

هذا كان مايتعلق بشكل البرنامج, أما ملائمة مادته مع مايقدم في الفضاء العام فتلك كارثة كبيرة. نعم, نؤمن بالحرية في التعبير التي هي رديف للديمقراطية, ولكن بعض الديمقراطية تؤدي للفوضى على حد قول والدي رحمه الله. إذ يتندر علينا الضيوف بنكات فيها من السب والشتم, وفيها من السخرية من جنس أو نوع أو قومية أو منطقة بما لايتلائم أن يطرح على وسائل الإعلام. فلوسائل الإعلام وظيفة معينة أخلاقية في جوهرها إذ لاتنسجم مع تقليل شأن بعض الناس كالسخرية من المنغولي او الأعمى. نعم, يمكن لذلك أن يحدث بصورة طبيعية في الشارع ولكن أن يظهر على شاشة التلفزيون فهذا يعطيه شرعية معينة ويمرر الكثير من القيم الخاطئة على إنها صحيحة ومتعارف عليها ويمكن تداولها بين الناس.

 

لست ضد برنامج أكو فد واحد, ولكن على القائمين على هذا البرنامج أن يعيدوا النظر فيه وفي محتواه وشكله وربما حتى هدفه بأن يكون مادة دسمة لتغير الواقع من خلال إعادة إنتاجه بالسخرية منه والتهكم على أبطاله المفترضين, إذ تصبح وظيفة البرنامج هي نقد الواقع وليس للمتعة فقط. على القائمين على البرنامج مشاركة أكبر عدد من فئات عمرية مختلفة ومن ضيوف من مناطق ولهجات مختلفة كي لايحسب البرنامج على فئة معينة من الناس, وأخيرا ً وليس آخرا ً, عليهم إعادة النظر بمكان الجمهور بوضعهم أمام الضيوف وليس خلفهم, أي عدم تجاهلهم!

 

عماد رسن
https://www.facebook.com/imad.rasan

صفقة تبرئة مشعان الجبوري أكتملت ...؟!


   شه مال عادل سليم



 مشعان الجبوري , المحكوم غيابيا بـ (15 )عاما مع أسقاط الحصانة عنه بتهم الأختلاس والإرهاب وشموله بمادة (4 أرهاب)(1 ) أصبح طليقا بأمر من رئيس الحكومة العراقية (نوري المالكي) ....حيث كانت هناك تهمتان موجه اليه  :
1 ـ  انطباق المادة (4 ارهاب) باعتباره كان من اشد المحرضين و المروجين للارهاب والقتل والتدمير و كان يشجع وعبر قناة الرأي الفضائية على اشاعة اساليب التدريب والتعليم على صنع( العبوات الناسفة و المتفجرات والكواتم والسيارات المفخخة) لقتل الابرياء في العراق , وبث خطابات ارهابية شوفينية عنصرية ,بالاضافة الى اجتماعاته المتكررة مع الملثمين والارهابيين القتلة تحت اسم ( المقاومة الشريفة ) .

2 ـ  صدور امر القاء القبض بحقه على خلفية فساد مالي كبير تجاوز الـ (200 )مليار دينار للفساد الحاصل في العقود الوهمية في تغذية الجيش العراقي و حماية انابيب النفط و التي كانت تفجر بين الفينة والأخرى ,و قد تم تعميم حكم القاء القبض عليه على الشرطة الدولية ( الانتربول ).


المادة السابعة من الدستور العراقي :

تنص المادة السابعة من  الدستور العراقي على :

 اولاً :ـ يحظر كل كيانٍ او نهجٍ يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير أو التطهير الطائفي، او يحرض أو يمهد أو يمجد او يروج أو يبرر له، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه، وتحت أي مسمىً كان، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق، وينظم ذلك بقانون.
ثانياً : ـ تلتزم الدولة بمحاربة الارهاب بجميع اشكاله، وتعمل على حماية اراضيها من ان تكون مقراً أو ممراً أو ساحةً لنشاطه.

و هنا نسأل : أين القضاء واين الإدعاء العام العراقي من خروقات وتعطيل الدستور ؟  كيف يتمكن المالكي من تبرءة مشعان الجبوري واخرين امثاله الذي يحظر الدستور العراقي من نشاطهم  التخريبي لكونهم تبنوا  نهج العنصرية والارهاب بتمام معنى الكلمة ...؟  كيف تمكن قاضي التحقيق (المستقل والنزيه )ان يبرء الجبوري من هذه الاتهامات الخطرة التي ترتبط (بدماء و اموال الشعب العراقي المظلوم )  ؟.

صفقة تبرئة مشعان اكتملت ...ولكن ؟! :

نعم .....ان تبرئة اكبر الارهابيين والمجرمين و ابرز المدافعين عن صدام المقبورمن كل التهم الموجه اليه بين ليلة وضحاها لا يأتي ولن يأتي من فراغ وانما جاء حسب( اتفاق تبرئة المجرم ) مقابل دعم الشيوخ العربية من السنة في مناطق الموصل وتكريت والانبار لمساندة ومساعدة سلطة المالكي لبسط سيطرته على عموم العراق في المرحلة الاولى باستثناء اقليم كوردستان,  وكلنا نعرف الجبور من اكبر العشائر العربية السنية  ......!

ولكن السيد المالكي  نسى او تناسى بان مشعان الجبوري  ليس عنصر توازن المعادلة العراقية  ...بل العكس هو الصحيح  تمامأ  .....!!

والاكثر من هذا لا استبعد اطلاقأ ان نرى  وبعد فترة مشعان يقود (ملثمين من ايتام سيده الشهيد ) ويشكل قيادة عمليات ( الفتنة ) لعرض العضلات خصوصأ في المناطق المستقطعة من اقليم كردستان والتي سميت زورأ وبهتانأ بالمناطق ( المتنازع عليها ) لتصعيد الخلافات بين الإقليم والمركز وزرع الفتنة وتاجيج الصراعات الطائفية والقومية المقيتة , وبحجة حماية حقوق الشعب العراقي وحرياته وصيانة كرامته......؟!

اخيرأ ..... ادعوا الجميع لمشاهدة الرابط المرفق ,والذي يكشف حقيقة المهرج البعثي والارهابي مشعان الجبوري, وعلى الهواء مباشرة , ونترك لكم التعليق... !!


 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـتحتوي المادةُ الرابعة على بندين أطلقَ عليهما (العقوبات) : البند الأول  : يُعاقبُ بالإعدامِ كل من ارتكبَ بصفتِهِ فاعلاً أصلياً أو شريكاً في الأعمالِ الارهابية، ويُعاقبُ المحرضُ والمخطط والممولُ وكلُ من مكن الإرهابيينَ من القيامِ بالجريمةِ كفاعلٍ أصلي .

البند الثاني :  يعقابِ بالسجنِ المؤبدِ كلِ من أخفى عن عمد أي عملٍ إجرامي أو تستَّرَ على شخص إرهابي  .

 

دعوة حمّال

 بشرى الهلالي
 
وهو يسقط أرضا، زحفت الاصوات بعيدا عنه واختلطت في ضجيج سافر أبعد من مدى سمعه، بينما لمحت عيناه سماءً تخللت زرقتها الصافية خيوط شمس راحت تتلاشى امام هجوم سواد البارود. فكر في انه لم يرنو الى السماء ولم يستشعر دفء الشمس ولا نورها منذ زمن طويل برغم أنه يذرع هذا الشارع يوميا، فقد اعتادت عيناه النظر الى الأرض تحت ثقل الاحمال التي ينوء بها ظهره. تلمست يده الجرح فغمرتها حرارة الدم وشعر ببعض الراحة، أخيرا.. وجدت مثانته الفرصة لتتخلص من حملها حين اختلط البول بالدم.. فمنذ الصباح الباكر وهو يحبس حريتها حتى تورمت غضبا فثارت عليه في لحظة انفجار. في الليلة الاخيرة التي قضاها في المستشفى قبل ان يغادر حياة الشقاء، نطق كلماته الاخيرة أمام ولده: الحمد لله الذي جعلني اذهب فداءً للملك ونائبه ووزراءه بل وحتى معارضيه (بيّ ولا بيهم). رحل الحمّال الفقير الى الدار الآخرة، وصارت جملته حديث الناس، فسمع بذلك الملك وحاشيته بل وحتى معارضه، فقرروا تكريمه في مثواه، واستدعيت زوجته التي اضطرت لطلب عباءة الجارة للمثول بين يدي الملك وهي تحلم بشراء عباءة جديدة بالهبات التي ستغدق عليها، رافقها ابنها صامتا، وكان ان انهالت الاموال على عائلة الفقيد الذي حمد الله ان الانفجار اصابه ولم يطال اي فرد من افراد الحكومة. وسارعت وسائل الاعلام لنشر الخبر، فكرم الحكومة ليس له حدود عندما يتعلق الامر بمن يفديها بحياته. وكان السؤال الاول الذي سال له لعاب الاعلاميين هو: لماذا؟ هل حقا أحب هذا الحمّال الفقير حكومته لهذا الحد حتى يحمد الله على تناثر أشلاء جسده بدلا عن افرادها، ام انه كان يطمع في تكريم عائلته من بعده وانتشالهم من الفقر؟

 وبالطبع.. لم يكن الحمّال واثقا من حصول عائلته على التكريم، اذن ما السبب؟ أجاب الابن الصامت بابتسامة ساخرة: كان أبي لا ينام ليلة دون أن يسب الحكومة ويلعن كل أيامها، فهو كان يشقى طيلة النهار ونشقى معه للحصول على خبز يومنا. بهت الاعلاميين من هذا الجواب غير المتوقع. إذن؟ أجاب الابن بسخرية أكبر: قبل موته في المستشفى العام أسر لي أبي بسر دعواه وقال: من غير العدل أن أتمنى للملك ووزراءه ومعارضته هذا المصير، فما فعلوه بنا أكبر من أن ينهي حياتهم انفجار ليموتوا ميتة سهلة، بل دعوت الله على ان يبقيهم محصنين ضمن أسوارهم ليشهدوا يوما أكثر سوادا كما حصل للعديد من قبلهم.

كان جواب الابن أشبه بصاعقة سقطت على رؤوس الاعلاميين، فكيف ستنقل كاميراتهم وكلماتهم هذا الجواب الذي لو عرفته الحكومة فقد تجعل ايامهم أكثر سوادا من حبر أقلامهم. وحاولوا الحصول على جواب يشفي غليلهم من الابن الذي كان يستمتع بنظرات الرعب في أعينهم، لكن لماذا؟ أجاب: انه الحقد.. ألم تفكروا يوما بالحقد الذي ينمو في قلب الفقراء وهم يجودون بكل ما يملكون (دماؤهم) بينما تبخل عليهم حكوماتهم وهي ترفل بخيراتهم حتى بحقهم في الحياة؟!

ساد الصمت على الحاضرين ولم يجدوا سؤالا ينقذهم من حيرتهم بينما تحررت دمعة من عين الابن لأول مرة وهو يشعر بزهو النصر...

 

ملاحظة: هذه فكرة قارئ صديق فقد ساقه في انفجار.. فلم يعد يملك الا الحقد!

 

 الناس/ كتابات/ مركز النور


 

"دولة القانون" حصلت على الاغلبية السياسية في مجالس المحافظات!!


هناك دلائل كثيرة توحي  بأن عنوان المقالة اعلاه سيكون من العناوين الرئيسية لمختلف الصحف المحلية وغيرها بعد اعلان النتائج النهائية لانتخابات مجالس المحافظات القادم والتي ستجري في العشرين من نيسان الجاري. لأن اعلان فوز الحزب الحاكم وتحالفه الانتخابي وبأغلبية مريحة هو الوحيد الذي يرضي شخصا متعطشا للسلطة كالمالكي، الذي فشل لليوم في معالجة جميع الملفات التي واجهته نتيجة العمل على تهميش حتى حلفائه في التحالف الشيعي الواسع من جهة وبقية القوى السياسية التي ساهمت في ايصاله للسلطة من جهة اخرى.

 

فلو راجعنا سنوات حكم السيد المالكي منذ توليه الحكم بدلا عن الجعفري ليومنا هذا فاننا نستطيع منحه اسوأ الدرجات في أدارته للازمات التي مرت ولازالت بالبلد، فما من ملف مهما كانت اهميته الا واثبت المالكي فشله في ادارته، بداية من ملفات الامن والارهاب والتسليح والطاقة والتعليم والصحة والزراعة والصناعة والبطالة والرعاية الاجتماعية والمتقاعدين وغيرها انتهاءا بملفات الفساد التي ستطال العديد من المقربين اليه حال ابتعاده عن رئاسة الوزراء. هذا على الصعيد الوطني اما على صعيد المحافظات ومنها تلك التي يديرها "دولة القانون" فان الوضع ليس افضل من سابقه ان لم يكن اسوأ. ولاننا نتناول هنا انتخابات مجالس المحافظات فاننا سنتجاوز عزلة العراق اقليميا وادخاله في دائرة الشكوك في تدخله بالحرب الاهلية الدائرة رحاها في سوريا نتيجة سماحه للطائرات والشاحنات الايرانية بنقل الاسلحة عبر الاجواء والاراضي العراقية الى سوريا، وهذا ما يؤكده رعاة العملية السياسية الامريكان رغم المحاولات المتكررة لحكومة بغداد بنفي الامر.

 

ومن خلال فشل الحكومة المركزية والحكومات المحلية في توفير احتياجات ناخبيهم والتذمر الكبير الذي يبديه الناس منهما وهو ما ترجمته استطلاعات الرأي العديدة التي اظهرت عزوف الناخبين في التوجه الى صناديق الاقتراع بنسب كبيرة وصلت في بعضها الى نسبة تقارب ال 75%، علينا ان نبحث عن نقاط قوة المالكي في كلمته اثناء اعلانه قائمة ائتلاف "دولة القانون" التي حسم من خلالها نتائج الانتخابات مسبقا عندما قال " ستحصل دولة القانون على الاغلبية السياسية في مجالس المحافظات حتى تتمكن من تمشية الامور الراكدة وتحقيق الخدمة والانجازات والاعمار"، وما هي الاسس والمعايير التي استند عليها رغم فشله المدوّي، في ان يكسب اصوات الناخبين.

 

سيدخل المالكي كحزب وقائمة الانتخابات وفي جعبته اسلحة معروفة تمتلكها كل السلطات الدكتاتورية في العالم "الديموقراطي" النامي او الثالث او الشرق اوسطي في حالة العراق، وهي، السلطة والمال والاعلام والسيطرة التامة على اجهزة الجيش والشرطة باعدادها الكبيرة التي ستصوت قبل موعد الانتخابات، وهي ملك صرف للمالكي وحزبه كما كانت ملكا صرفا لصدام وحزبه قبلها اضافة الى العشائر التي اشترى المالكي كما صدام ولائها بالمال منذ ان صرح امامها "ما ننطيها". ويبقى السلاح الاهم الذي في جعبة المالكي هو التزوير الذي سيكون على اوسع نطاق في هذه الانتخابات لاهميتها القصوى في تشكيل اللوحة السياسية القادمة والتي يريدها المالكي ذات لون حزبي واحد وهو اللون الدعوي او لون "دولة القانون"، واذا نجح المالكي في مسعاه - الكثير من الشواهد توحي بنجاحه – فان زيادة انتاج النفط وباسعار اليوم لاتعني الا اننا سنكون في بداية طريق لبناء دكتاتورية جديدة بلبوس ديموقراطي، واكبر دليل على ذلك هو حصول حزب الدعوة على 8 مقاعد تقريبا اثناء وجود في قائمة التحالف الشيعي "555" التي دخلت اول انتخابات تشريعية، وليحصدوا بعد ان اصبح المالكي رئيسا للوزراء خلفا للجعفري - نتيجة الخلاف بين الصدريين والبدريين حينها- في الانتخابات الاخيرة على 89 مقعدا!!

 

ان جاءت نتائج انتخابات مجالس المحافظات القادم مثلما تشتهيها سفن المالكي، فان العنف الدائر اليوم في العراق سيتجاوز من مناطق ذات طابع طائفي واحد "سنة" الى محافظات كانت لليوم في منأى عن هذا العنف "شيعة" وسيدفع الصدريون تحديدا ثمنا باهظا في هذا الصراع نتيجة صبيانيتهم في اتخاذ القرارات السياسية وسرعة الانقلاب عليها ان اتخذوها. ولكن المالكي بما يملكه من ادوات قمع وتأييد ايراني وغض طرف امريكي سيتمكن في النهاية من تطويع اطراف الازمة بعد ان يعمل كما فعل لليوم في شق صفوفهم وهذا ما نجح به مع القائمة العراقية اليوم. وفي حالة فشله في انهاء العنف فان خطة بايدن والتي يطمح تحديدا الى تطبيقها جاهزة وهذا ما اشار اليه يوما عندما قال، ان الحرب الاهلية او التقسيم هما احدى الحلول في حالة الاصرار على منع ترشيحه لولاية ثالثة.

 

زكي رضا

الدنمارك

1/4/2013

 

 

مساء الخير بغداد .... صباح الخير بغداد


 
صباح الخير بغداد، يا مدينة الموت الرابض في كنائسها ومساجدها وساحاتها وشوارعها واسواقها.

مساء الخير بغداد، يا مدينة الظَلَمَة نهارا والظُلمة ليلا .

صباح الخير بغداد، يا مدينة كهرمانة التي صب اللصوص على رأسها الزيت لتموت، بعد ان أشّرت على ابواب اللصوص الطائفيين والقوميين بطبشور اسود.

مساء الخير بغداد، يا مدينة العمائم المتخمة حتى الشبع، ومدينة الفقراء الذين لا يعرفون الا الجوع والمرض. 

صباح الخير بغداد، يا مدينة المنطقة الخضراء ( قدس سرها )، و مدينة المساحات السوداء والحزن اليومي.

مساء الخير بغداد، يا مدينة  الجدران العازلة والسيطرات المخترقة.

السلام عليك بغداد، يا مدينة بلا حكومة وحكومة بلا رجولة.

السلام عليك بغداد، يا مدينة العهر السلطوي والارهاب المنفلت الحاصد لارواح الابرياء.

السلام عليك بغداد، يا مدينة المزابل والمياه الآسنة.

السلام عليك بغداد، يا مدينة التصريحات الفارغة والرجولة الوهمية والخطاب الكاذب.

السلام عليك بغداد، وانت تدفعين ثمن عهر منصات العار "العز" - التي فتحت مضارب عشائرها لمجرمي تنظيم القاعدة - دما وجثثا وخراب.

السلام عليك يا بغداد وعلى الارواح التي تصعد من فنائك يوميا نحو السماء لتشكوا الى رب يعبده طائفيون سنة وشيعة كذبا ودجلا.

السلام على صباحك الآمن وهو يرتجف رعبا من السيارات التي تطايرت لتزرع الرعب والجثث في ارجائك ايتها العروس المغتصبة.

السلام عليك بغداد، يا من صادر السفلة براءة اطفالك

السلام عليك من هول الفاجعة.

 

ها هي التفجيرات الدامية تستهدف ابناء شعبنا الابرياء ثانية امام عجز "حكومة" كان عليها ان تعرف مسبقا - كما يعرف من له قليل من الفطنة - ان سقط المتاع من الارهابيين سيضربون عروس العراق بمقتل في الذكرى العاشرة لبدء العمليات البرية لاسقاط نظام العهر البعثي. ها هي تفجيرات اليوم تكشف لنا عن ضعف الحكومة المستديم في مواجهة الارهاب لعدم كفاءة اجهزتها الامنية بعد ان صرفت عليها المليارات من خزينة الدولة. ها هي التفجيرات تضع عشرات اسئلة الاستفهام امام "ساسة" و "رجال دين" و" زعماء عشائر" و"احزاب" و"ضمائر" ترى اعلام القاعدة القذرة وهتافاتها واهازيجها على منصّات عارهم وهي تهتف لقتل اخوتهم بالوطن وهم ساكتون، وبسكوتهم فقط وليس بشئ آخر اثبتوا من انهم شياطين. الا تخجلون من انفسكم وانتم تحتضنون أفاقي الارض بين ظهرانيكم ليعيثوا "بوطنكم وشعبكم" فسادا وقتلا وتدميرا، تعسا لكم وانتم تفقدون رجولتكم وشبح الموت يجوب بفعل من هم في حمايتكم شوارع العراق.

 

ان حدثا اقل بكثير من حدث اليوم ولمرة واحد في اي بلد بالعالم تحترم حكومته شعبها يدفعها الى الاستقالة، او على الاقل استقالة المسؤولين الامنيين فيها لانهم المسؤولين الرئيسيين عن حفظ امن وسلامة المواطن. واذا كان المالكي وهو المسؤول الاول عن الملف الامني لا تدور بخلده الاستقالة لانجازاته الباهرة التي حققها لابناء شعبنا منذ جلوسه على العرش لليوم!!! فهل سنرى استقالات جماعية لمسؤولين امنيين كبار وعلى رأسهم الوكيل الاقدم لوزراة الداخلية "عدنان الاسدي" الذي فشل فشلا ذريعا في بناء اجهزة امنية قادرة ان تعمل ولو بالحد الادنى، علما ان هذه الاستقالة تحتاج الى رجولة قبل الوطنية.

 

(ربّنا انا أطعنا سادتنا وكُبَرائنا فأضلّونا السّبيلا* ربّنا آتهم ضعفَين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا) "قرآن كريم"

 

 

زكي رضا

الدنمارك

19/3/2013