الأحد، 12 مايو 2013

نظرية المؤامرة .. ومؤامرة نفيها..


منذ تفكك المعسكر الاشتراكي  وليومنا  راجت الكثير من المفاهيم بين اوساط المهتمين في السياسة  وخصوصا في البلدان العربية  وشعوبها على تنوعهم. هذه المفاهيم التي تصاعدت وهي تماما تشبه  تصاعد الغبار المرافق لانفجار ضخم، ففي بلدان العالم المصنف" درجة اولى"   نفخت مراكز الدراسات والبحث ووكالات امن تلك البلدان ايضا الروح في الكثير من هذه المفردات والمفاهيم ، والتي لم تطلقها عبثا او دون هدف ما ، تلك المفاهيم جرى تلقيها من مهتمي السياسة في بلداننا كما يتلقى العطشان جرعة الماء! ذلك العطشان الذي يعاني من وهن القوى وضعف الفكر  وقلة الحيلة، وظهر العديد من الذين انقلبوا في ليلة سوداء على قناعاتهم وتاريخهم ووهنهم ذلك ليتغنوا بهذه المفاهيم ، وحقا كان هذا عزائهم الوحيد لانفسهم، بعد ان اطلقوا على انفسهم مصطلح " ليبراليون" واشك لانهم وعيا وممارسة بعيدين كل البعد عن هذا المفهوم ايضا.

احدى تلك المفاهيم التي تبناها هذا الوسط هو نفي نظرية المؤامرة ،  على الرغم من  ان الامر ليس بالجديد وانما كلما طرح تحليل سياسي لقضية او رؤية لحالة ما  ، يعتلي صراخهم " كفى  تعلقون كل شيء على المؤامرة". هذا الوسط صراحة له كل الحق بان يتصور ما يرى  وما يحلو له، ولغيرهم الحق ايضا ان يقول ما يراه والقرائن هي الحكم بين الجميع.

ان قولي هذا لم ينساق الى الموقع التبريري  وسلخ مسؤوليتنا عما يحدث ، اطلاقا ، لا، ان ما حدث ويحدث في بلداننا هو مسؤوليتنا الاولى والاخيرة، ان حبنا لاوطاننا والدفاع عنها ، واحترامنا لبعضنا البعض  ولتنوعنا  والاحترام لتعددية الراي ولمسؤولية الفرد عن ذاته  وغيره من المبادي الاخرى التي تضمن بناء الانسان ذو الكرامة وليس تلك  التي تسليب الارادة والكرامة، كما ان وعي الواجبات والحقوق،  كل هذا يجعل الوطن قويا ومحميا من اي مؤامرة او تدخل ، عبر قوة ذلك الانسان المبني على الحدود الدنيا لتلك الاسس كاضعف الايمان. بينما العكس من تلك القضايا سيعبد الطريق امام اي قوة اخرى تطمع او تريد ان تخضع هذا المواطن او تلك الارض لها، ولربما حتى في تلك الاسس التي تبني المواطن القوي  يمكن لمن يطمع ان يكسر ارادة هذا او ذلك البلد او الشعب ، اذن هنا يبقى عامل القوة وتنوعها هو الاساس في هذا الموضوع، وهذا لا ينفي تفكير الاخر بما تملك انت كفرد او قبيلة او مدينة او بلد .. الخ.

المتابع للشركات الاقتصادية الكبرى ، عابرة القارات  تلك، يمكنه ان يلمس ما حققته  هذه الشركات من افقار للعديد من الشعوب  في الوقت ذاته تتزايد فيه ارباحها  وهيمنتها  اقتصاديا وسياسيا، من لم يرى هذا ، ليس مصابا بعمى الوان وانما  بانعدام الحواس، ولا اود سرد الامثلة الكثيرة على هذا الامر الا اني اذكر فقط في القارة السمراء  الفقيرة، هذه القارة التي تسمى فقيرة في جميع التقارير الدولية بما فيها تقارير ذوي القبعات الزرق!! على الرغم من انها قارة غنية الى ابعد الحدود بجميع الثروات ، الا انها لازالت تعاني الحروب والتخلف ومصادرة الارادة وهذا مازرعه الاستعمار السياسي  واليوم القراصنة الاقتصاديين، فهل تلك الافعال هي اخلاق حميدة، ومن ضمن القانون الدولي  ومباديء حقوق الانسان!! كي نقول عنها ليس مؤامرة ! اليس نفي المؤامرة  هو اسهام في قتل ارادة الشعوب  وما وقع عليها من عدوان  ومصادرة لحقها في الامن على امتداد سنوات طويلة. فماذا نقول في اعدام بومببا قرب علم الامم المتحدة!!! وماذا نقول عن تشيلي بينوشيت؟؟ وعن  رئيس بنما  عمر توريخوس واربينز رئيس غواتيمالا والمنتخبين شعبيا ، الذين قتلتهم المخابرات الاميركية وبترتيب ومن الحكومة ذاتها والتي كان الكثير من اعضائها هم من يسيطرون على شركة الفواكه المتحدة واحدهم جورج بوش الاب  وغيرها من الشركات الكبرى المستفيدة من قناة بنما   والحرب ضد العراق ، ان الكوربوقراطية هي من تضع الخطط للمؤامرات على الشعوب ، الكوربوقراطية التي تمثل الشركات العابرة للبحار وصندوق النقد والبنك الدوليين  محميان بمخابرات العم سام وجيشه وحلفائهم، اليس هم من يشجع الدول على الاقتراض ومن ثم مقايضتها على ثرواتها !! ومن لا يخضع  يصفى اما بسقوط طائرته او الاغتيال او الانقلاب او الاحتلال وكلها تحت شعار الامن القومي والمصالح القومية العليا!! اليس هذا هو شعار المؤامرة  دائما، نعم ان الكلمة اقوى من القنبلة ، وان نفيكم للمؤامرة  مشاركة في طمس الحقيقة وتشويه وعي البشر ومشاركة في الجريمة التي جرت ولازالت بحق الملايين  من ابناء  الكرة الارضية.

كريم الربيعي

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق